سباقات الفورمولا باللمسة السعودية

القطاع الرياضي واحد من المجالات المستهدفة في برامج رؤية المملكة 2030، منذ انطلاقها لتحقيق كثير من المكاسب والقفزات في مجال الرياضة وتحقيق التميز محليا وعالميا. وتماشيا مع الرؤية في التركيز على صناعة أبطال في مختلف الرياضات، تم التوسع في كل الميادين والأنشطة الرياضية المختلفة، وزيادة عدد الاتحادات من 32 اتحادا في 2016 إلى 64 اتحادا في 2020، ومن المتوقع أن تصل في 2021 إلى 92 اتحادا. والهدف من كل هذه التوجهات والتطورات، تحقيق مفهوم الاقتصاد الرياضي بمعاييره الاستثمارية الشاملة، وكانت لافتة بارزة، حيث تطورت أخيرا العلاقة المتبادلة بين الاقتصاد والرياضة داخل السعودية، ليصبح الاستثمار في القطاع شأنه شأن أي مجال اقتصادي آخر أو أي قطاع أعمال يسهم في تحقيق أهداف الرؤية الرامية إلى التخلي عن النفط، ودخول عصر الاقتصاد الحر.
وهنا تمكنت السعودية عبر أدواتها المختلفة من إنشاء حلبة سباق لسيارات "فورمولا 1" في زمن قياسي لم يزد على ثمانية أشهر. وهذا النجاح يستند إلى مخططات وإمكانات، والأهم من هذا يعتمد على ما أتت به الخطط المرسومة من استراتيجية تشمل كل شيء وكل القطاعات، من الصناعة إلى الترفيه والتجارة والخدمات والسياحة والثقافة والفنون، وغيرها. فهذه الخطط وضعت من أجل بناء اقتصاد سعودي يحاكي متطلبات واستحقاقات المستقبل في كل الأزمنة، سواء تلك التي تشهد الانفراج والازدهار، أو فترات المصاعب التي تمر بها كل الدول عادة بين الحين والآخر. إنها خطة الرؤية لبناء اقتصادي اجتماعي، وفي الوقت نفسه قادرة على صناعة الأدوات اللازمة لمواجهة أي مستجدات بأعلى معايير الجودة والنتائج الجيدة.
"فورمولا 1" الذي انتهى في مدينة جدة أثبت مجددا أن السعودية قادرة على استضافة أحداث كبرى كهذه، بصرف النظر عن الفترة الزمنية التي تسبقها. وهو يندرج - كما هو معروف - ضمن برنامج "جودة الحياة"، ويعد بحسب الخبراء واحدا من أصعب مواسم سباقات الفورمولا. وهذا الحدث العالمي لا ينحصر فقط في السباقات التي تتنافس فيها كبرى الشركات المصنعة للسيارات، بل يشمل كغيره من الفعاليات الأخرى جوانب أساسية على صعيد الفنون، عبر تنظيم حفلات موسيقية كبرى اشترك فيها فنانون عالميون كبار. يضاف إلى ذلك، الجانب الآخر الذي يتعلق بالعلاقات العامة التي ترفد الحراك السعودي بمزيد من الدعم في كل المجالات. المملكة أثبتت بالفعل ريادتها في هذا المجال، في فترة زمنية قصيرة. وفي ظل الإمكانات التي تتمتع بها، فهي قادرة على أن تحافظ على موقعها كجهة أساسية في عالمية الفعاليات والمهرجات والأحداث العالمية في كل المجالات.
لا شك أن نجاح "فورمولا 1" على الساحة السعودية، ما كان ليحدث لولا الاهتمام الذي أولاه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ووضعه ضمن المحاور الرئيسة، وهذا الاهتمام شمل كل المجالات الرياضية والمنافسات العالمية، الأمر الذي أضاف في زمن قصير أيضا مزيدا من الخبرات، ودعم القاعدة التي يستند إليها قطاع الفعاليات والمناسبات المحلية والعالمية على الأرض السعودية. ولأن الأمر كذلك، فإن المستقبل سيكون واعدا لكل الفعاليات الرياضية والمسابقات، بما في ذلك السيارات التي تعد واحدة من أكثر الرياضات شعبية على مستوى العالم، وتستقطب ليس فقط متابعين عاديين، بل مستثمرين يوفرون الأموال اللازمة، ويحصلون على العوائد التي ينتظرها أي مستثمر. أي أنه مجال مفتوح للاستثمار.
وعلى هذا الصعيد، فإن العوائد لمثل هذه المهرجانات جذابة، تستقطب المستثمرين وتدعم حراكها وتطورها في آن معا، فضلا عن الجانب العالمي لها الذي يدعم العلاقات العامة للمملكة، من ساحة دولية صارت جزءا أساسيا من الأحداث العالمية الكبرى سنويا، بل في كل المواسم.
"فورمولا 1" دعم للخبرات المحلية الوطنية في هذا المجال، ولا سيما دور السعوديين في عملية بناء الحلبة العالمية الكبرى ومن جهة التنظيم. وهذه خبرات على قدر من الأهمية، لأنها تمثل قيمة مضافة لفعاليات مشابهة في ميادين مختلفة فنيا وثقافيا ورياضيا. فقد تم وضع أسس تكفل للسعودية أدوارا مختلفة عالية الجودة في كل قطاع ومجال، مستندة إلى إمكاناتها الحقيقية التي تضمن النتائج المرجوة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي