العلاج الطبيعي وتأهيل الكوادر

مع زيادة ضغوط الحياة وأمراض العصر تصبح الحاجة إلى العلاج الطبيعي أكثر إلحاحا، ولذا نرى أقسام العلاج الطبيعي في المستشفيات ومراكز إعادة التأهيل تزدحم بالمراجعين وتخضع للتوسعة وزيادة الغرف بشكل مستمر. ولهذا الإقبال المتزايد استغل بعض ولا أقول كل المستشفيات الخاصة هذه الخدمات بشكل تجاري دون الاهتمام بتوفير المعدات الحديثة والكوادر المؤهلة.
ولقد روى لي بعض المراجعين أن من يدعون أنهم إخصائيون لا يبذلون أي جهد في مساعدة المراجع أو الشرح له عن كيفية أداء التمارين في منزله ربما لعدم قدرة الإخصائي على ذلك، أو ليضمن أن تطول مدة حاجته ومراجعته للقسم وبالتالي يستمر تدفق الدخل إما نقدا أو عن طريق شركات التأمين وقال لي أحدهم: إن الإخصائي بمجرد وصولي يضع الجهاز ويضبط ساعته ثم يختفي حتى يسمع جرس النهاية ليحضر مبتسما ويطفئ الجهاز مودعا لي ومحددا الموعد المقبل.
وبعد الحديث عن هذه الصورة السلبية سأتطرق إلى صورة إيجابية لخدمات العلاج الطبيعي على الأقل في مدينة الرياض، حيث يوجد مركزان لا يهدفان للربح، ولذا يهتمان باختيار الكوادر التي تعمل فيها من أبناء وبنات بلادنا ممن درسوا وتدربوا على أصول المهنة في مراكز مختصة في الداخل والخارج، إضافة إلى توفير أحدث الأجهزة مهما بلغت أثمانها، وأعني بالصرحين الكبيرين اللذين اكتسبا سمعة محلية وعالمية "مركز الملك سلمان الاجتماعي" و"مدينة سلطان بن عبدالعزيز للخدمات الإنسانية"، ولكل واحد منهما قصة أرويها في هذا المقال.
فمركز الملك سلمان بدأ كفكرة لدى لجنة أصدقاء المرضى في الغرفة التجارية الصناعية بالرياض وكنت أحد أعضاء اللجنة، وفي يوم من الأيام اجتمع أمين مدينة الرياض آنذاك عبدالله النعيم بأعضاء اللجنة وطلب التنازل عن فكرة اجتماعية مماثلة لدى اللجنة لوجود فكرة تحمل اسم أمير منطقة الرياض آنذاك الملك سلمان بن عبدالعزيز وذلك عرفانا لما يقدمه للمنطقة منذ تولي إمارتها من جهود مخلصة ودعم غير محدود وباركنا الفكرة لأنها تحمل اسما عزيزا علينا جميعا وستنفذ بطريقة أقوى، وفعلا تأسس المركز في 1417هـ ووجد الدعم الأكبر من الدولة ومن الملك سلمان شخصيا، وتم اختيار موقع مميز له وجهز بأحدث الأجهزة، ووفرت له إدارة قوية وجهاز إداري وفني متكامل، ولا يزال يقدم خدماته بكفاءة عالية برعاية فئة كبار السن وخدمتهم.
أما الصرح الثاني فهو مدينة سلطان بن عبدالعزيز للخدمات الإنسانية.. التي اهتم بها الأمير سلطان حتى لقد روى لي المهندس المشرف على إنشاء المدينة أنه حينما عرض التصاميم الأولية على الأمير سلطان لم تجد قبولا منه ووجه بزيادة المساحة حتى بلغت مليونا ومائتي ألف متر مربع، لتكون صرحا عالميا متميزا في التأهيل بحيث تساعد الناس ليساعدوا أنفسهم كما تقول رسالتها.
وأخيرا: بقي التأكيد على جانب مهم وهو أن تخضع مراكز العلاج الطبيعي في المستشفيات الحكومية والخاصة لإشراف يضمن تأهيل العاملين فيها بشكل ممتاز على غرار ما هو موجود في مركز الملك سلمان وفي مدينة الأمير سلطان الإنسانية، وأن تسهم المستشفيات الجامعية والعسكرية في إدخال العلاج الطبيعي في مراكز الأعمال التي لديها حتى تستوعب الأعداد المتزايدة من طالبي هذه الخدمات في عصر نحتاج فيه إلى توفير جودة الحياة التي هي من أهم أهداف "رؤية 2030".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي