عدم اليقين يحكم قبضته على الأسواق «2 من 2»
تبرز فرصة واعدة في القطاع المالي. فرغم أن حجم الأصول الذي تديره صناديق الاستثمار المعنية بقضايا المناخ لا يزال محدودا نسبيا، فقد ازدادت التدفقات الوافدة، وهناك فرصة واعدة لخفض تكلفة التمويل التي تتحملها الشركات المراعية للمناخ، وزيادة قدرة هذه الصناديق على أنشطة الإشراف على العمل المناخي.
وبشأن مفاضلات غير سهلة ففي ظل الأوضاع المالية الحالية التي لا تزال تيسيرية عموما، يشير تحليلنا إلى استمرار تنامي مواطن الضعف المالي في عدة قطاعات مع احتجاب جانب منها وراء الدفعة التنشيطية الهائلة التي توفرها السياسات. ويواجه صناع السياسات في الوقت الحالي مفاضلة صعبة: فعليهم مواصلة دعم الاقتصاد العالمي على المدى القريب، والحيلولة في الوقت نفسه دون تراكم مخاطر على الاستقرار المالي في المدى المتوسط. والتعامل مع هذه المفاضلات هو من أهم التحديات التي تواجه صناع السياسات في الوقت الحالي.
فاستمرار الأوضاع المالية بالغة التيسير لفترة مطولة أثناء الجائحة، وكان ضروريا بالطبع للحفاظ على التعافي الاقتصادي، أسفر عن مبالغات كبيرة في تقييم الأصول، وربما يتسبب - حال استمراره - إلى إذكاء مواطن الضعف المالي. وتدل بعض إشارات التحذير؛ كزيادة تحمل المخاطر المالية، وتصاعد مواطن الهشاشة في قطاع المؤسسات المالية غير المصرفية، على حدوث تدهور في الدعائم الأساسية للاستقرار المالي. وإذا تركت مواطن الضعف هذه دون كابح، فقد تستمر على المدى الأطول وتتحول إلى مشكلات هيكلية.
وحول التحرك على مستوى السياسات فسيتعين على صناع السياسات وضع خطط عمل للتحوط ضد العواقب غير المقصودة. فينبغي أن يكون الدعم المقدم من خلال السياسات النقدية والمالية أكثر استهدافا للفئات المستحقة، مع ضرورة تصميمه حسب ظروف كل بلد، نظرا لتفاوت وتيرة التعافي عبر الدول. وينبغي للبنوك المركزية أن تقدم إرشادات واضحة عن منهجها المستقبلي في السياسة النقدية، مع الحيلولة دون حدوث تشديد مفاجئ غير مبرر للأوضاع المالية. وينبغي أن تظل السلطات النقدية متيقظة لاتخاذ إجراءات حاسمة لتجنب انفلات توقعات التضخم، حال استمرار الضغوط السعرية لفترة أطول من المتوقع. ومن الملائم أيضا تحويل الدعم المالي نحو التدابير الأكثر استهدافا للفئات المستحقة وتصميمه حسب ظروف كل بلد.
وينبغي لصناع السياسات القيام بتحرك عاجل وإحكام الأدوات الاحترازية الكلية المختارة لمعالجة جيوب الضعف الكبيرة، وهو ما يشكل عنصرا حاسما في معالجة العواقب المحتملة غير المقصودة للتدابير غير المسبوقة التي اتخذوها، نظرا لإمكانية الاحتياج لإطالة فترة الدعم المقدم من السياسات بما يضمن تحقيق تعاف مستدام.
وبالنسبة لصناع السياسات في الأسواق الصاعدة والرائدة فينبغي أن يبدأوا، حيثما أمكن، بإعادة بناء هوامش الأمان المالي وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية. وبينما تواجه بعض هذه الاقتصادات عدة تحديات داخلية (مثل ارتفاع التضخم وشواغل المالية العامة)، فإنها لا تزال معرضة لمخاطر التشديد المفاجئ في الأوضاع المالية الخارجية.
وفي سياق تنامي الضغوط السعرية، يعمل المستثمرون حاليا على تحديد الأسعار في ظل دورة من التشديد السريع والحاد بدرجة كبيرة في عديد من الأسواق الصاعدة، وإن كان من المتوقع أن يكون ارتفاع التضخم مؤقتا. وسيكون من الضروري إعادة بناء هوامش الأمان وتنفيذ إصلاحات دائمة لدعم آفاق النمو الاقتصادي للوقاية من مخاطر انعكاس مسار التدفقات الرأسمالية وحدوث زيادة مفاجئة في تكلفة التمويل.