Author

إرشاد الشباب أكاديميا ووظيفيا

|
بعد التفاعل الكبير الذي وجدته تغريدة لي عن حاجة الشباب والشابات إلى نصائح من يملكون الخبرة والتجربة في مجال العمل والوظائف، قررت أن أكتب هذا المقال لأتطرق إلى جميع جوانب الموضوع، وأعني بذلك الإرشاد الأكاديمي الذي يحتاج إليه الطالب أو الطالبة حينما يقرر الالتحاق بالجامعة ويحتار في اختيار التخصص المناسب لقدراته ومواهبه وميوله، ولقد بحثت عن الإرشاد الأكاديمي الموجود في جامعاتنا فوجدت أن من ضمن مهام المرشد الأكاديمي أن يضع ملفا خاصا لكل طالب متعثر أو متوقع تعثره حتى تسهل متابعة حالته. ومعنى ذلك أن مهمة المرشد محصورة في الطلاب المتعثرين وفي مرحلة الماجستير والدكتوراه فقط.
والمؤمل أن تعيد الجامعات النظر في مهام المرشد الأكاديمي لتشمل مساعدة الطلاب والطالبات في جميع المراحل ومنذ البداية على اختيار التخصص المناسب ثم متابعتهم كما هي الحال في الجامعات العالمية المعروفة وبالذات في الولايات المتحدة، حيث يتولى المرشد الأكاديمي الإشراف على عدد قليل من الطلاب، حيث يكون لديه الوقت للمتابعة يوميا أو أسبوعيا على أكثر تقدير لتعديل المسار في حالة الحاجة إلى ذلك قبل أن يصاب الطالب أو الطالبة بالإحباط والوصول إلى مرحلة التعثر وبالتالي الغياب أو النوم أثناء المحاضرات أو الشرود الذهني.
وهكذا فإن الإرشاد الأكاديمي في جامعاتنا يجب أن يواكب المرحلة الجديدة التي تقوم على اكتشاف المهارات والتركيز على مساعدة الطلاب لاتخاذ القرار السليم بالنسبة لاختيار التخصص وفقا لإمكاناتهم واهتماماتهم واحتياجات سوق العمل التي تتغير بين حين وآخر. وما دمنا قد أشرنا إلى سوق العمل، فإن الإرشاد الوظيفي لا يقل أهمية عن الإرشاد الأكاديمي، ولذا أدعو جامعاتنا إلى إنشاء قسم للإرشاد الوظيفي، حيث يسأل الطالب أو الطالبة حينما يكونون على وشك التخرج في اختيار العمل المناسب ومساعدتهم على كتابة السيرة الذاتية وكيفية التقدم للوظائف، وكذلك المقابلة الشخصية التي هي المفتاح الأول للحصول على الوظيفة.
ومن المهم إرشادهم إلى أن العمل الذي يمكن للطالب أن يكتسب فيه خبرة حديثة في المجال الذي يوافق ميوله ومقدرته ومهاراته أفضل من وظيفة تقليدية لا توفر الخبرة أو التقدم المهني المطلوب حتى لو كان مرتبها أعلى من الأولى. وقد يقول قائل، إن مجرد وجود الوظيفة صعب هذه الأيام فليقبل ما يعرض عليه بدل أن يظل بلا وظيفة، وهذا الرأي صحيح إلى حد ما، لكنني أعني لو وضع أمامه عرضان فليختر اكتساب الخبرة حتى لو كان المرتب أقل من العرض الثاني الذي لا يوفر اكتساب الخبرة، لأن حياة الشاب أو الشابة في البداية يجب أن تكون في التدريب وتطوير الذات أكثر من طلب الكسب المادي فقط.
وأخيرا: لو أنشأت الجامعات مراكز للإرشاد الوظيفي فسنجد من المتقاعدين أصحاب الخبرات من يعمل فيها ربما دون مقابل، وذلك لأداء ضريبة حق الوطن الذي قدم لهم في أعوام عملهم الطويلة كثيرا من المزايا المعنوية والمادية، ويسرهم أن يقدموا لشباب وشابات بلدهم خلاصة خبراتهم في جميع المجالات على شكل نصائح يحتاج إليها الشباب في بداياتهم التي في ضوئها يصلون إلى أهدافهم في الحياة العملية.
إنشرها