default Author

النار ميزة إنسانية

|
لا يعرف تحديدا متى وأين اكتشفت النار، وكان المرجح حسب آثار بقايا الأمم، أن البشر استخدموها في الطهي قبل 700 ألف عام ليقضي على هذا الاعتقاد اكتشاف أثار للنار في مغارة وندرويرك في مقاطعة الكاب في جنوب إفريقيا، حيث عثروا على موقد نار وأسافين وأدوات حجرية وعظام ونباتات متفحمة على بعد 30 مترا من باب المغارة، وعمق مترين تحت الأرض قدر العلماء عمر هذه الآثار بمليون عام!
وقال الباحثون في مقال نشروه في مجلة "وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم"، "حسب علمنا، هذا هو أول دليل قطعي على استخدام النار" أي أن استخدام النار لم يحدث في زمن إنسان نياندرتال أو الإنسان الحديث الذين عاشوا في أوروبا قبل نحو 300 ألف عام، وإنما حدث قبل ذلك بكثير في زمن الإنسان الأول مثل الهومو إريكتوس "الإنسان المنتصب" الذي ظهر قبل نحو مليوني عام!
إن أول ظهور للنار على الأرض كان بسبب الصواعق التي تشعل الحرائق في الغابات والنار الناتجة عن حمم البراكين، ويعتقد أن الإنسان حاول الاستفادة من هذه النار ثم أوجد طرقا للمحافظة عليها مشتعلة أطول فترة ممكنة باستخدام مواد بطيئة الاشتعال كروث الحيوانات، حتى تمكن في النهاية من إيجاد طرق لإشعال النار بنفسه والتحكم بها، لتكون هذه الخطوة نقطة التحول المفصلية في تطور البشرية والخطوة الأولى على طريق الحضارة والتكنولوجيا، التي وصلت إليها البشرية اليوم. لقد أثرت في جميع جوانب الحياة بداية من منح البشر صفتهم الإنسانية فمجرد تجمع مجموعة من البشر حول النار وتقاسمهم الطعام، يمنحهم تميزا عن باقي الكائنات ويشكل إنسانيتهم!
لقد فتحت النار عديدا من المجالات أمام البشر فقد استخدموها في البداية من أجل الحرارة والضوء والحماية، ما أدى إلى تحول النشاط البشري إلى الليل بعد أن كانت حياته مقتصرة على النهار فقط، ثم استخدموها في الطهي، فأصبح لدى البشر تنوع في الغذاء وأدى ذلك إلى تغير في تركيبتهم الجسمانية، حيث ازداد حجم أدمغتهم واضمحلت أسنانهم!
ولأهمية النار والدور الكبير الذي لعبته في حياة البشر عدتها بعض الحضارات مثل الحضارة اليونانية واحدة من عناصر الطبيعة الثابتة المكونة لكل ما هو مادي إلى جانب الماء والهواء والأرض، بينما عدت الحضارة الصينية القديمة النار إحدى العناصر الأساسية الخمسة وهي، الماء والأرض والمعادن والخشب وقدستها حضارات أخرى حيث عد الإنسان النار دليلا على الخير، وصراعه مع الشر المتمثل بالظلام ووسيلة لعقاب المخطئين!
إنشرها