Author

«موهبة» توقظ التفوق في المجتمع

|
من يظن أن مجتمعنا لم يعرف التفوق في زمن الآباء والأجداد، فقد جانب الصواب حيث تروي قصص الماضي، وبالذات أثناء مرحلة تأسيس هذا الكيان الكبير على يد الملك المؤسس ورجاله، كثيرا من المواقف التي تظهر تفوقا وذكاء في موازنة أمور الحياة رغم شح الموارد والإمكانات، أما على مستوى الأفراد، فقد تفوق الكثيرون في بداية التحاقهم بشركة أرامكو الموظف الوحيد آنذاك وابتعث بعضهم للدراسة في الخارج ولمعت أسماؤهم، واشتهرت بين الناس كثيرا قصة الوزير علي النعيمي الذي نظر وهو طفل يرعى الأغنام إلى داخل سور تلك الشركة العملاقة وقال: لماذا لا أدخل لأعرف ماذا في هذا المكان؟.
وفي الأخير تولى بجدارة رئاسة هذه الشركة ثم وزارة أهم الموارد وزارة البترول والثروة المعدنية. ولكن هناك عديد من قصص النجاح لأشخاص بدأوا السلم من أولى درجاته وتفوقوا في أعالي مراتبه سواء في أرامكو أو القطاعات العسكرية أو الأعمال. أما الرياضات السائدة آنذاك فقد تفوق الآباء والأجداد في الرماية والصيد وركوب الخيل وسباقات العدو أو ألعاب القوى، ويتجلى التفوق وينمو إذا توافرت البيئة الحاضنة ووجدت دوافع التنافس المحمود والمساندة من الخبير. وأذكر في هذا السياق قصة من مرويات الآباء لسباق تم في إحدى القرى، حيث انطلق شابان يتسابقان فوصلا للنهاية في الوقت نفسه، وهنا قال شقيق أحدهما "تكفى يا أخوي" لو طمرت عند وصولك للنهاية لكنت أنت الفائز. فرد أخوه بالقول: أنا منذ بدأت وأنا أقفز لكن المنافس يقفز مثلي ولذا وصلنا سويا، وأقول أنا إنه لو لم يقفز الأول ويسرع في العدو لربما ما كان للآخر أن يزيد من سرعته أيضا ويجاريه.
ولو تركنا حديث الماضي وتحدثنا عن الحاضر لوجدنا أمثلة كثيرة على التفوق الذي ترعاه مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع، التي قامت بزيارتها في الأسبوع الماضي مجموعة من كتاب الرأي وكنت أحدهم واستمعوا إلى قصص عدد من الشباب والشابات الذين أيقظت "موهبة" فيهم جذوة التفوق، انطلاقا من الهدف الذي تأسست من أجله وهو اكتشاف ورعاية الموهوبين والمبدعين في المجالات العلمية ذات الأولوية التنموية وإيجاد بيئة محفزة للموهبة والإبداع وتعزيز الشغف بالعلوم والمعرفة لبناء قادة المستقبل. ولقد وجدت أرضية صالحة للتفوق محليا ودعمت ذلك عبر الاستفادة من التجارب الدولية في هذا المجال.
وأسهمت مخرجات "موهبة" بشكل فعال في تحقيق مستهدفات "رؤية 2030". ووضعت "موهبة" خطة تتضمن منهجية علمية لاكتشاف الموهوبين ورعايتهم، حيث تم اكتشاف أكثر من 97 ألف موهوب من بين أكثر من 300 ألف طالب وطالبة تم اختيارهم في أكثر من 100 مدينة وقرية على امتداد بلادنا، وتشكل هذه القائمة قاعدة بيانات وطنية تضم معلومات مفصلة عن أفضل العقول من الموهوبين والموهوبات على امتداد الوطن.
وأخيرا: مثل ما أيقظت "موهبة" التفوق والإبداع في المجتمع، فعلى الأسرة أن توقظ هذه الصفات في أذهان أبنائها وبناتها، وأن تقدمهم إلى "موهبة" دون تردد فهناك كثير من المزايا أثناء دراستهم، ومنها اختيار أفضل التخصصات والجامعات لهم محليا وعالميا وتحمل جزء من تكاليف دراستهم. وبعد التخرج سيكون من السهل عليهم الحصول على الوظائف ذات الامتيازات الكبيرة، وقد تحدثنا مع نماذج من هؤلاء أثناء زيارتنا إلى "موهبة" فأكدوا إحاطتهم بالاهتمام وحصولهم على المزايا واعتزازهم بتمثيل الوطن في المحافل المحلية والدولية.
إنشرها