Author

منحنى النمو بعد أزمة كورونا

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

الاقتصاد العالمي يستعد للعودة إلى الانتعاش بعد أزمة الركود الوبائي الناتجة من كوفيد - 19 التي طالت القطاعات الاقتصادية بطريقة غير مسبوقة وبشكل شمولي على دول العالم.
قطاعا السفر والضيافة كانا شديدي التأثر وتم فقدان ملايين الوظائف وأُفلس كثير من الشركات، وتشير توقعات كثير من المحللين وبيانات اتحاد النقل الجوي الدولي "أياتا"، إلى أن الطيران سيعود حاليا إلى مستويات 40 في المائة مقارنة بما قبل الجائحة، وستكون معدلات الطلب على الطيران الداخلي أعلى من الوجهات الدولية، ويعزى ذلك إلى عودة التواصل ما بين المدن اقتصاديا واجتماعيا، والسبب الآخر وجود دخل متراكم لدى المستهلكين في بعض الدول الرئيسة والناشئة.
أما قطاع الخدمات اللوجستية، فسيواصل نموه وبقوة مدعوما بالطلبات المتراكمة وتلاشي الصعوبات التي حدت من وجود مزيد من العاملين، كما أن التجارة العالمية ستواصل دعمها لنمو القطاع اللوجستي، وفي الوقت ذاته ستنمو التجارة الدولية بمعدلات أسرع، إذا ما نجح العالم في تحييد عرقلة التجارة عالميا على خلفيات سياسية.
قطاع التجزئة من القطاعات المثيرة للجدل، نظرا لتفاوت الدول في تأثر القطاع، فهناك دول تأثرت بمعدل سالب 19 في المائة، مثل سنغافورة، على الرغم من نمو التجارة الإلكترونية عالميا. في المقابل، نما قطاع التجزئة في دول أخرى، مثل النرويج والدنمارك، بمعدل نمو إضافي 8 و7 في المائة أثناء الأزمة على التوالي مقارنة بـ2019، وتعد متاجر الملابس الأكثر تضررا في القطاع على المستوى العالمي، لذا تشير تقديرات إلى أن نمو قطاع التجزئة سيكون متفاوتا بحسب كل دولة، كما أن بعض الدول التي سجلت نموا موجبا ستواصل النمو، وأخرى ستتراجع في معدل النمو، ولتوضيح ذلك: دول شمال أوروبا حققت نموا بسبب بقاء المواطنين وصعوبة السفر، ولكن بعد عودة الاقتصاد العالمي إلى تحقيق مستويات من النمو، فسيتقلص النمو في قطاع التجزئة في تلك الدول، لأنها أصلا تعاني نقصا في عدد السياح بشكل هيكلي، المعوق الأبرز لهذا القطاع هو اضطرابات الشحن البحري، ما قد يرفع الأسعار بشكل مؤقت وبحسب مرونة كل سلعة، فمثلا الملابس لديها مرونة أكثر من الأطعمة.
أخيرا: عودة منحنى النمو الاقتصادي الكلي مرتبطة أيضا بقضايا اجتماعية تتعلق بانخفاض مستويات المعيشة ونشوء اضطرابات اجتماعية، فقد تراجعت معدلات صادرات الدول التي تعاني اضطرابات اجتماعية بسبب الأزمة إلى أقل من 4.2 في المائة، في حين أنها كانت ستنمو بمتوسط عالمي من 6 إلى 9 في المائة من دون تلك الاضطرابات، وأظهر مؤشر الضغط الاجتماعي 2020، لإحدى شركات الائتمان، ارتفاع المؤشر على المتوسط العالمي من 46 إلى 54 في المائة، أما الدول الناشئة، فقد ارتفع المؤشر من 54 إلى 61 في المائة، وسجلت ماليزيا والهند وتايلاند والفلبين الأعلى خطورة، وتأتي بعض دول شمال إفريقيا، كالجزائر وتونس، في المجموعة ثانيا، لذا فمنحنى عودة النمو الاقتصادي سيكون أسرع في الدول الأقل اضطرابا.
إنشرها