Author

مسيرة استثمارية ومسارات تنموية

|

يشهد اقتصاد المملكة العربية السعودية منذ أعوام تحولات وتغييرات جذرية إيجابية، تدعم مسيرة التنمية الوطنية باستخدام أعلى المعايير والمفاهيم الاقتصادية التي تتماشى مع استراتيجية تبني المشاريع الحيوية، ذات العائد التنموي المتميز. ومن هنا، جاءت الاستراتيجية الوطنية للاستثمار التي دشنها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ضمن المسار الناجح لـ"رؤية المملكة 2030"، هذه "الرؤية"، التي وضعت الأسس والقواعد، ووفرت الأدوات، والبيئة اللازمة لبناء اقتصاد سعودي وطني جديد، يوائم حاضر ومستقبل السعودية كله.
مسار "الرؤية" مر بمراحل مختلفة تدعم بعضها الآخر، وفق خطة تضمن الوصول إلى أرقى معايير الجودة ليس فقط على صعيد المشاريع التي تتضمنها، بل أيضا في نطاق الفترة الزمنية المخصصة لإتمام الإنجازات في هذا الميدان أو ذاك. هذا ما أظهر بوضوح بلوغ سلسلة من المشاريع مقاصدها، وأهدافها، في فتراتها الزمنية المحددة، بل إن بعضها تحقق حتى قبل نهاية المدة الموضوعة لها، فكل ميدان ضمن ورشة البناء الاقتصادي حقق خطوات عملية على الأرض، ودعم الاستراتيجية الوطنية الشاملة.
الاستراتيجية الوطنية للاستثمار دشنها ولي العهد مع بدء المرحلة الثانية من مراحل "رؤية 2030"، تختص كما هو واضح من اسمها بإطلاق الفرص الواعدة أمام المستثمرين، وهذه الفرص تسهم مباشرة في تحقيق مستهدفات الرؤية، في أعقاب مرحلة الإصلاحات الاقتصادية والتشريعية. واستراتيجية الاستثمار هي في الواقع محور أساسي لتحقيق واحد من أهم أهداف "رؤية المملكة"، وهو تنويع مصادر الدخل، والتقليل من الاعتماد على النفط.
السعودية حققت قفزات نوعية في هذا المجال خلال الأعوام القليلة الماضية، ظهرت نتائجها في الموازنات العامة السابقة التي تضمنت مساهمة متصاعدة للقطاع غير النفطي فيها، هذا القطاع الذي نما في الواقع 2.9 في المائة في الربع الأول من العام الجاري، في الوقت الذي كان فيه العالم يواجه مرحلة صعبة من الآثار التي تركها وباء كورونا. مساهمة القطاع غير النفطي بلغت 62.8 في المائة في الربع الأول من هذا العام، مقابل 59.2 في المائة في الفترة نفسها من العام الماضي، وهذه المسيرة تتعزز بالطبع عبر استراتيجية الاستثمار الوطنية المشار إليها في كل القطاعات، مثل الصناعة والخدمات اللوجستية، والسياحة، والبنية التحتية الرقمية، والرعاية الصحية. وستوفر فرصا كبيرة، نتيجة الأبعاد المتجددة للاقتصاد السعودي، بما في ذلك زيادة التنافسية.
الاستثمار في السعودية، مدعوم أيضا بمقومات كثيرة أخرى، بما في ذلك الإمكانات الواسعة غير المستغلة، والقابلة للاستثمار عالي الجدوى، إلى جانب مكانة البلاد عالميا وإقليميا، وسمعتها الائتمانية المرتفعة، حتى في عز الانكماش الاقتصادي العالمي الذي حدث في الفترة السابقة.
في الأعوام الماضية استقطبت السعودية استثمارات أجنبية عديدة، وهذه الاستثمارات تشهد ارتفاعا بسبب الإمكانات التي تتوافر على الساحة المحلية، إلى جانب المرونة التشريعية التي جلبتها "رؤية المملكة" إلى الميدان الاقتصادي عموما، ناهيك عن موقع البلاد الاستراتيجي كجسر إلى منطقة الشرق الأوسط، وإفريقيا، وجنوب أوروبا، ووسط جنوب شرق آسيا.
إطلاق الاستراتيجية جاء في الوقت المناسب، وفي المرحلة المثالية للبناء الاقتصادي عموما، فقد وفرت التشريعات نفسها الأرضية الصلبة للاستثمارات المحلية أيضا، فضلا عن الشراكات بين القطاعين العام والخاص، ومنح الأخير الفرص اللازمة ليس فقط لتحقيق العوائد، بل أيضا للمساهمة المباشرة في الناتج المحلي الإجمالي للسعودية.
السعودية ألزمت نفسها بتحقيق مستوى عال من التطلعات في كل جانب من الجوانب الاستثمارية، بما في ذلك مضاعفة قيمة الاستثمارات إلى ثلاثة أضعاف بين عامي 2019 و2030، فضلا عن زيادة حجم الاستثمار الأجنبي أكثر من 20 مرة، وهذا سيؤدي إلى ارتفاع الاستثمارات إلى 30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وكل هذا يتم في ظل نجاح الرياض في تنفيذ نحو 60 في المائة من الإصلاحات الاقتصادية في غضون عامين فقط. كل ذلك أسهم في تطورات سريعة، وقوية، في مجالات متعددة منها: السياحة، والفنون، والثقافة، والطاقة المتجددة، والترفيه، بخلاف المشاريع الأخرى الكبيرة بحجمها، وعوائدها على الساحة الوطنية، التي ترفد القطاعات بالابتكار، وأفضل الممارسات العالمية، واستشراف المستقبل.

إنشرها