Author

الحاجة إلى الطمأنينة

|
في ظل الحياة الصاخبة التي تعيشها البشرية هذه الأزمان، فإنه من الطبيعي أن يبحث الإنسان عن أمر يعيد إليه توازنه وهدوء نفسه، وهذا ما دعا البعض إلى الاستعانة بخبراء الصحة النفسية الذين انتشرت عياداتهم في بعض المجتمعات كانتشار النار في الهشيم، والنتيجة كانت - متطلب في الماء جذوة نار! - إذ أفادت الإحصائيات الرسمية لمنظمة الصحة العالمية أخيرا، بأنه ينتحر سنويا أكثر من 700 ألف شخص حول العالم، مشيرة إلى أن معظم هذه الحالات يحدث باندفاع في لحظات الأزمة، عندما تنهار قدرة المرء على التعامل مع ضغوط الحياة.
ومع الأسف إنه يغيب عن الكثير أن الإنسان ليس جسدا فحسب، بل هو مخلوق متجانس من الجسد والروح، ولذا فإنه لا بد من مراعاة هذين العاملين لتستقيم حياة الإنسان. إن راحة الجسد وسكينة الروح تسمى الحياة الطيبة، وبالتأمل في كتاب الله نجد إيضاحا للطريق الموصل إلى ذلك «من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة».. الآية. وفي موضع آخر يبين الله - سبحانه وتعالى - مصدر الطمأنينة، الذي لا يمكن أن يحل شيء محله «الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله، ألا بذكر الله تطمئن القلوب».
إذن على من أراد الطمأنينة الحقيقية أن يخلو بنفسه ويناجي ربه بصدق، ذاكرا الله مستشعرا أفضاله عليه، داعيا إياه "أنا الفقير إلى رب البريات – أنا المسيكين في مجموع حالاتي // أنا الظلوم لنفسي وهي ظالمتي – والخير أن يأتينا من عنده يأتي".. حينها تطمئن النفس ويستريح البال وينشرح الصدر، وحينها يتقبل الإنسان ما أصابه من أمر يرى أنه لا يسره، فتجده إذا ما أحاطت به الطمأنينة لا يجزع من قضاء ولا يضيق بقدر، بل تجده يردد مع القائل "ما قد مضى يا نفس فاصطبري له – ولك الأمان من الذي لم يقدر // وتحققي أن المقدر كائن – يجري عليك حذرت أم لم تحذري".
ومما يرى خبراء الصحة النفسية أنه يزيد في الطمأنينة ضرورة التوقف عن التفكير في الأمور التي تزيد من التوتر، وكذلك أخذ نفس عميق في الشهيق والزفير بين الحين والآخر، وتوسيع دائرة الصداقات، والحرص على التطوع ومساعدة الآخرين ما أمكن ذلك.
إنشرها