Author

التقنية والمستهلك

|
تعتمد عمليات الحكومة والقطاع الخاص بشكل متنام على البحوث والدراسات التي تتيح لها التفاعل الأفضل مع المعطيات الجديدة، وتسمح لها بالاستفادة من التطورات وتحافظ على كفاءة ونجاح عملياتها. الحاجة المستجدة تجعل الجميع تحت رحمة التطبيقات والبرامج والأنظمة التقنية المعقدة، وتجعل من العمليات الإدارية والمالية حالة من التفاعل التقني بشكل متزايد لدرجة تجعل العلاقة مع الإنسان تتراجع بشكل مقلق.
تعمل المنظمات الإدارية الحديثة في ظل حالة من التنافس المحموم للبقاء، وتظهر أهمية خفض التكاليف، سواء في الإنتاج أو العمليات المساندة كوسيلة أساس للنجاح بل البقاء. يدفع هذا الأمر كثيرا من المديرين والقياديين في كل القطاعات إلى إبراز الاعتماد على المحتوى التقني كوسيلة لإقناع المستفيد بكفاءة العمليات وجودة المخرجات وانخفاض التكلفة. يبني كثير من الشركات مستقبلها على عمليات الروبوت لتقليل التكلفة وتعظيم الأرباح.
يبقى أن نتذكر أن العنصر البشري الذي يفقد كثيرا من أهميته تدريجيا، لا يزال بحاجة إلى مزيد من التطوير والاهتمام ليستطيع التفاعل مع التقنية ويقود العمليات بشكل فاعل، ما يعد الهم الأكثر تأريقا لكل المختصين في مجالات الإدارة. كيف نستطيع أن نحافظ على القدرة والكفاءة التقنية ونبقي العاملين في وظائفهم؟ أمر تعمل على تكوينه عمليات الدعم الإداري التي تهتم بها الدول بجميع قطاعاتها.
ولأن المستهدف النهائي من كل العمليات هو المستهلك العادي، فنحن بحاجة إلى وجوده وقدرته المادية على الاستفادة من المخرجات التي تنتجها المصانع والمؤسسات المختلفة. هذه الثنائية المحورية تتطلب من المستشار الإداري مزيدا من التفهم والعناية لئلا نصبح في موقع يجعل السلع غير قابلة للبيع والخدمات مصممة لفئات محدودة من الناس.
يمكن أن يكون هذا الواقع خفيا عن رؤى كثير من الشركات العاملة في السوق، لكنه يبرز تدريجيا عندما تفقد هذه الشركات مزيدا من العملاء، ليس لأنها تنتج أو تقدم خدمة غير كفؤة، وإنما لعدم توافر القدرة لدى المستهلك على تحمل تكلفة تلك الخدمات رغم منطقية تسعيرها.
يظهر كثير من العلامات التحذيرية في أغلب دول أوروبا وشرق آسيا، وتخسر الشركات لسبب بسيط هو انخفاض المبيعات بسبب محدودية القدرة الشرائية، لعل التغيير الذي نلاحظه في معدل الدخل في كثير من الدول يوضح هذه الإشكالية، ويتطلب مزيدا من البحث في عملية الموازنة بين الاستخدام المفرط للتقنية وقدرة المستهلك على دفع تكاليفها.
إنشرها