Author

ديوانية الحي

|
أسهب صديقي في استعراض الأنشطة التي يمارسها مع جيرانه في ديوانية حيهم التي بدأت بدعوات أسبوعية يتناوب على استضافتها الجيران، ثم تحولت إلى خيمة صغيرة جوار المسجد وتطورت لتصبح موقعا يجمع بين التسلية والضيافة تبرع بأرضه أحد سكان الحي. الشاهد هنا أنهم بذلوا الجهود مشتركين لتحقيق أمر مجتمعي قد لا يستطيع آخرون أن يبذلوه أو على الأقل إيجاد وسيلة للتواصل لتحقيقه.
هنا تبرز القيادة التي توحد الجهود بعد توقع رغبات الجميع. أجزم أن كل حي بحاجة إلى مثل هذه الديوانيات، خصوصا أننا في عصر رقمي قل فيه التواصل والتعارف واللقاء بين الجيران والأقارب. يذكر لي صاحبي أن بداية تلك الديوانية كانت من دعوة قدمها أحد الساكنين الجدد للجميع وفيها عرض عليهم الفكرة وتحمس لها الجميع. الساكن الجديد بنى على خبرته في حي سابق، ولعل انتقال الفكرة بهذه الطريقة كفيل بنشرها على كل المستويات وفي كل الأحياء.
مثل هذه الأفكار منتشرة في أغلب دول الخليج، وهي من ضمن مفاهيم نشاهدها في كثير من الدول التي تدعم نشر الروح الاجتماعية بين السكان. السؤال المهم هنا هو، هل هناك توجه لدى الجهات المسؤولة عن تلاحم المجتمع وتواصل السكان، سواء الشؤون الاجتماعية أو البلديات، لتكوين مثل هذه المنظومات ضمن الأحياء القديمة أو الحديثة.
أشاهد بعض الجهود في مراكز ومحافظات بعيدة عن المدن الرئيسة لإيجاد ديوانيات الأحياء، وهي ناجحة بنسب متفاوتة. التحدي المهم للجهات التي تدير مثل هذه الأنشطة، رفع نسبة المشاركة الإيجابية من الجميع لتحقق هذه الفعاليات الطاقة التفاعلية ونجاحات إضافية وتبرز فعاليات جديدة.
يتذكر الجميع أن الروح الاجتماعية في الأحياء كانت أكثر حيوية وبساطة في الوقت نفسه، ولم تكن هناك تعقيدات تدفع الناس لتكوين مثل مواقع التجمع هذه. البساطة التي جعلت من "الدكة" و الساحة المفتوحة في الحي موقعا حيويا ونشطا طول ساعات النهار وبعضا من الليل، هي العنوان الأهم في حياة الأحياء سابقا.
التحدي الجديد هو تجاوز المعوقات النفسية والوظيفية والمجتمعية، التي تحد من الترابط الاجتماعي وحيوية الحي، ونتمناها في كل المدن. الأفكار الإبداعية مهمة في المجال، وتحقيق صورة نمطية إيجابية جديدة أمنية. أرجو أن نرى بعضا من ثمارها في أحيائنا في الأيام المقبلة.
إنشرها