default Author

البنوك المركزية والسياسة النقدية «3 من 3»

|
توجد قضايا أخرى تؤثر في قوة النمو واستدامته في منطقة إيكواس وكذلك عدالة توزيعه، بغض النظر عن وجود اتحاد نقدي من عدمه. وتتضمن هذه القضايا تطوير وتكامل السوق المالية الإقليمية، ولا سيما العلاقة بينها وبين أسواق سندات الحكومة والشركات وأسواق المال. ومن المهم أيضا إتاحة الخدمات المالية لمزيد من المواطنين "الشمول المالي" من خلال التكنولوجيات التقليدية والجديدة - كصيرفة الهاتف المحمول. ومن المفيد تنسيق القواعد المنظمة للأسواق المالية بما في ذلك البنوك والمؤسسات لعديد من المزايا المحتملة. المالية غير المصرفية، التي أصبحت أكثر ارتباطا بالفعل على مستوى المنطقة. ويتعين وجود إطار مؤسسي قوي على المستوى الإقليمي.
ومن أهم سمات هذا الإطار توحيد القواعد المنظمة لمعاملات الحساب الجاري والحساب الرأسمالي لتسهيل تدفق السلع والخدمات ورأس المال بحرية أكبر. ويمكن تسهيل التجارة عبر المنطقة من خلال وجود نظام مدفوعات إقليمي مربوط بنظم المدفوعات المحلية والعالمية يسمح بسرعة تسوية المعاملات عبر الحدود. ومن الأولويات المهمة أيضا تنسيق عمليات الرقابة والتنظيم في القطاع المصرفي، مع الأخذ في الحسبان المخاطر المؤسسية والنظامية.
ومن خلال وضع آلية إقليمية فعالة لجمع البيانات الاقتصادية الكلية والمالية، إلى جانب الرقابة متعددة الأطراف بغرض مقارنة موقف السياسات بين دول إيكواس، يمكن مساعدة الدول على الحفاظ على الانضباط حتى في ظل الضغط المحلي من أجل إرخاء السياسات.
ومن المفيد وضع آلية للتضامن في توزيع المخاطر بين الدول الأعضاء للتعامل مع الصدمات الخارجية "كصدمات أسعار السلع الأولية، أو الأحداث الاستثنائية مثل جائحة كوفيد - 19 التي تؤثر في بعض الدول أكثر من غيرها.
يجدر النظر كذلك في مناهج بديلة لتحقيق مزيد من التكامل التجاري والمالي على مستوى المنطقة. فعلى سبيل المثال، يوجد عديد من الترتيبات التجارية والمالية بين دول آسيا مع استقلالية السياسة النقدية في كل منها. وتؤدي آليات تقاسم المخاطر الإقليمية عددا من الوظائف المقترحة لاتحاد العملة، مثل مبادرة شيانج ماي، التي تتضمن تجميع احتياطيات النقد الأجنبي بين الدول المشاركة.
وليس من المعروف بعد ما إذا كانت هذه الترتيبات التجارية والمالية الإقليمية من شأنها تحقيق الأغراض المرجوة نفسها من اتحاد العملة فيما يتعلق بالتدفقات التجارية والتكامل الاقتصادي الأوسع نطاقا. لكن تجربة أوروبا تحذر من التسرع في إنشاء اتحاد عملة، حيث أثر اتحاد العملة تأثيرا إيجابيا في التدفقات التجارية والاستثمارية، لكنه أدى أيضا إلى اضطرابات اقتصادية وسياسية بين دول منطقة اليورو. علاوة على ذلك، وفي ضوء منهج آسيا والتقدم المحرز تجاه إنشاء منطقة التجارة الحرة لقارة إفريقيا، يجدر النظر فيما إذا كانت ترتيبات التكامل التجاري والمالي تعد خطوة أولى مفيدة، بل ربما ضرورية تمهيدا لإنشاء اتحاد عملة أكثر استدامة وصلابة بين أعضاء جماعة إيكواس.
يجب على قادة إيكواس إمعان النظر في التكلفة الكبيرة والقضايا التشغيلية والمخاطر الانتقالية التي ينطوي عليها إنشاء اتحاد العملة. فاختلاف الهياكل الإنتاجية والاقتصادية بين الدول الأعضاء يعني أن التخلي عن سياسات العملة والنقد المستقلة سيفرض عبئا كبيرا على السياسات الأخرى في كل بلد.
وتشير تجربة منطقة اليورو في الآونة الأخيرة، إلى أن منطقة العملة قد تصبح أقوى في وجود اتحاد اقتصادي أوسع نطاقا بما في ذلك اتحاد مصرفي وقواعد مالية تنظيمية موحدة والتنسيق بين المؤسسات التي تعتمد عليها أسواق العمل والمنتجات. وعلى قادة إيكواس النظر في هذه الاعتبارات على المدى الطويل. كذلك فإن تحقيق نمو قوي ومستدام وتوزيع منافع النمو على نحو أكثر تكافؤا عبر منطقة إيكواس يتطلب تطوير الأسواق المالية الإقليمية وتكاملها وتعزيز الشمول المالي من خلال مختلف التكنولوجيات التقليدية والجديدة.
ويعد إصدار عملة موحدة لدول ايكولس هدفا مهما وطموحا من شأنه تحقيق عديد من المزايا المحتملة. وإذا ما التزم القادة ببناء أطر صلبة للسياسات والمؤسسات تتيح فرصة المفاضلة بشكل إيجابي بين المنافع والمخاطر، فمن الممكن أن يسهم وجود عملة موحدة في تعزيز الرخاء الاقتصادي في دول إيكواس.
ومع ظهور جائحة كوفيد - 19، أثيرت مناقشات مجددا عبر إفريقيا حول الأدوات النقدية اللازمة للتعامل مع الأزمة، ما قد يؤدي بدوره إلى تجدد الاهتمام بالصندوق النقدي الإفريقي. وستكون لنا في تجربة إيكواس دروس قيمة إذا ما أصبح هذا الصندوق واقعا ملموسا.
إنشرها