حلول مبتكرة لتعزيز الشمول «2 من 3»

ركزت باندي في رسالة الدكتوراه التي حضرتها في كلية لندن للاقتصاد والتحقت بها عقب أكسفورد على جهود الهند الهادفة إلى زيادة تمثيل الأقليات في الدوائر السياسية من خلال السماح للطبقات الاجتماعية الأقل حظا دون غيرها بالتنافس في الانتخابات في مناطق معينة، فيما يعرف بنظام "الحصص السياسية". وخلصت إلى أن هذه الممارسات أسهمت على مستوى الدولة في تحسين إعادة التوزيع لمصلحة المجموعات الأقل حظا، مشيرة إلى وجود رابط مباشر بين التمثيل السياسي والنفوذ السياسي.
وواصلت باندي بحث هذه العلاقة من خلال التركيز على الدور المهم للمؤسسات السياسية السليمة في التنمية والحد من الفقر. وأثبتت أخيرا أن النجاح في مكافحة الفقر يعتمد بدرجة أقل على المساعدات المباشرة وبدرجة أكبر على إيجاد مؤسسات حكومية فعالة تتيح للفئات الضعيفة الضغط على ممثليها من أجل تنفيذ سياسات إعادة التوزيع. وتقول، "إن البيروقراطية الوظيفية تحتاج أكثر من مجرد مؤسسة تسمح للجميع بالإدلاء بأصواتهم كل بضعة أعوام. فالأهم من ذلك أن يكون لدى المواطنين المعرفة الكافية، كما يتعين علينا حماية المؤسسات الحكومية من الفساد. وبالنسبة لباندي، تعد السياسة قضية شخصية. فوالدتها، مرينال باندي، من كبار الصحافيين في الهند، واتهمت أخيرا بإثارة الفتنة بسبب تغطية موجة عارمة من الاحتجاجات من جانب المزارعين.
وتقول روهيني "الصحافة الحرة القوية مطلب حيوي لفاعلية النظام الحكومي وقد يشجبها السياسيون بوصفها مصدرا لإثارة القلق والارتباك - لكنهم يصبحون كطائر ضرير في غياب الصحافة وسيدفع البلد الثمن في نهاية المطاف، وتضطلع المؤسسات المالية الفعالة بدور مهم أيضا في عملية التنمية، وكثيرا ما اختبرت باندي في سياق عملها صحة الأفكار والثوابت التقليدية.
وصدرت لها عام 2005 دراسة حول البنوك الريفية بالاشتراك مع روبن بيرجس من كلية لندن للاقتصاد تحدت فيها الرأي السائد آنذاك الذي عد البنوك الريفية المدعومة بالأموال العامة وسيلة غير فعالة لدعم التنمية لعدم ربحيتها. وأثبت الباحثان أن البنوك الريفية غير مصممة لتحقيق الربح بالضرورة، لكن الهدف منها هو الوصول إلى الأسر الفقيرة والحد من الفقر. واستنادا إلى هذا في المعيار، حققت البنوك الريفية الأهداف الأساسية المرجوة منها، ولا سيما في الهند. وفي مقابلة لها مع مجلة "التمويل والتنمية"، قالت بيتيا توبالوفا رئيس بعثة صندوق النقد الدولي، "قدمت هذه الدراسة مساهمة مهمة للغاية في مجال اقتصادات التنمية من خلال إثبات وجود علاقة سببية بين الائتمان والحد من الفقر". وعملت توبالوفا كباحث زائر في جامعة هارفارد أثناء عمل باندي هناك وتعاونت معها في المجال البحثي.
وفي مجال متصل، تحديدا التمويل متناهي الصغر، تحدت باندي الرأي القائل بضرورة سداد مدفوعات متواترة لتجنب حالات التعثر. وقد ركزت على الغرض الأساسي من هذه المبادرات وكشفت على مدار عدة أعوام عن مزايا تطبيق فترات سداد أكثر مرونة. وتتضمن هذه المزايا تخفيض تكلفة المعاملات، والحد من الضغوط المالية على المستفيدين، وزيادة الاستثمارات.
وتعاونت باندي تكرارا مع إستير دوفلو من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الفائزة بجائزة نوبل، وبحثتا معا الأفكار الراسخة بشأن دور السدود في التنمية. وأثبتتا أن السدود تؤدي في الواقع إلى زيادة الفقر في المناطق التي تشهد بناء هذه السدود نتيجة الاضطرابات وأعمال التهجير التي لا يتم تعويض الفئات الأكثر فقرا عنها بشكل كاف.
ورغم تراجع الفقر في المناطق المطلة على مجرى السدود، لا تعوض هذه المكاسب تردي الأوضاع في محيط السدود. وأثارت هذه النتائج غضب البعض. وقدم أحد كبار مسؤولي البنك الدولي شكوى إلى كبار أساتذة التنمية في جامعة ييل ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الذين أسعدهم هذا الأمر. وتقول باندي، إن هذا الاعتراض "كان نتيجة الاعتقاد القوي آنذاك عام 2005 تقريبا أن مشاريع البنية التحتية الضخمة ضرورية لأغراض النمو وأن التوزيع أقل أهمية ". وتقول دوفلو، "لدى روهيني قدرة فريدة على التعاطف تجعلها تتفهم أمورا عن حياة الآخرين لم تخطر ببالي قط. وأجد هذه الرحلة الطويلة بداية من التفكير والتحليل حتى نشر الأبحاث من أكبر المكاسب المتأتية من تعاوننا معا"... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي