Author

نجاح رؤيتنا واقعي وليس بالأحلام

|
في تقريره الصادر منتصف العام الجاري، أشاد صندوق النقد الدولي بالإصلاحات التي طبقتها المملكة في إطار "رؤية 2030" التي كان لها الدور الأساس في مساعدة الاقتصاد السعودي على تجاوز أزمة كورونا، وذلك بفضل الجهود المبذولة لإرساء هيكل قوي للحوكمة والتعاون بين الوزارات والهيئات، واتساع نطاق التحول الرقمي على صعيد الخدمات الحكومية والمالية، وقوة هوامش الأمان المستمدة من سياسات المالية العامة.
ووفقا لتوقعات خبراء الصندوق، سيصل نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي إلى 2.1 في المائة خلال العام الحالي و4.8 في المائة عام 2022 مقابل انكماش بنسبة 4.1 في المائة في 2020 بسبب الجائحة. ولفت الصندوق إلى استمرار تعافي النمو غير النفطي إلى 3.9 في المائة عام 2021 و3.6 في المائة عام 2022.
تزامنت هذه التوقعات مع تأكيد تقرير مركز التنافسية العالمي أن الإنجازات التي حققتها المملكة منذ إطلاق رؤيتها في عام 2016 جعلت منها اليوم الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط والخليج العربي التي أحرزت تقدما استثنائيا في التنافسية العالمية، حيث تقدمت من المرتبة الـ26 إلى المرتبة الـ24 من بين 63 دولة هي الأكثر تنافسية في العالم، وحققت المرتبة الثامنة من بين دول مجموعة العشرين، متفوقة بذلك على دول الاقتصادات المتقدمة مثل روسيا، وفرنسا، واليابان، وإيطاليا، والهند، والأرجنتين، وإندونيسيا، والمكسيك، والبرازيل، وتركيا.
وفي الوقت الذي يواجه العالم أكثر فتراته الحرجة تأزما وأشدها تراجعا في تاريخنا الحديث، نجحت المملكة في تحقيق هذه المراتب المتقدمة نتيجة للعمل الدؤوب المخلص في أجهزتها كافة على النحو التالي:
أولا: تعديل النهج التقليدي لعملية تسريع صنع القرار ومتابعة تنفيذه لدى تأسيس البنية التحتية التمكينية. وكان لبناء الهياكل المؤسسية والتشريعية ووضع السياسات العامة، ودفع عجلة الإنجاز، وإصدار وتعديل أكثر من 197 نظاما في مختلف المجالات الدافع الأكبر لرفع معدل نضوج الخدمات الحكومية الرقمية من 60 في المائة إلى 81.3 في المائة، ما أسهم بشكل ملحوظ في تحسين الخدمات المقدمة لمواطني المملكة والمقيمين فيها.
ثانيا: تنويــع وتوسيع القاعــدة الاقتصاديـــة من خلال تشجيع النمو الحقيقي للصناعات التي تتمتع بالقدرة التنافسية والقيمة المضافة العالية، ليزداد عدد المصانع خلال أربعة أعوام من 7,206 إلى 9,984 مصنعا، مع نجاح المملكة من رفع نسبة المحتوى المحلي في الصناعات العسكرية من 2 في المائة إلى 8 في المائة، بعد الترخيص لعدد 91 شركة محلية ودولية، بواقع 142 ترخيصا تأسيسيا.
وتزامن هذا الإنجاز مع إطلاق برنامج "صنع في السعودية"، وبرنامج "شريك" لتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص وزيادة وتيرة نمو نسبة الناتج المحلي غير النفطي من الناتج المحلي الإجمالي لترتفع من 55 في المائة إلى 59 في المائة في عام 2020. وجاء ذلك نتيجة ارتفاع الإيرادات غير النفطية بنسبة زيادة وصلت إلى 222 في المائة.
ثالثا: تعزيز دور القطــاع الخــاص وتشجيعه على الاستثمار والمشاركة في إدارة وتنفيذ الأنشطة الاقتصادية، ما نتج عنه نمو نسبة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة لتصل إلى 331 في المائة منذ إطلاق رؤية المملكة. وكان لانضمام السوق المالية السعودية "تداول" إلى مؤشرات الأسواق الناشئة أبلغ الأثر في مضاعفة حصة الاستثمار الأجنبي في ملكية الأسهم بالسوق السعودية بنسبة 195.9 في المائة لتصل إلى 208.3 مليار ريال بنهاية عام 2020، وبنسبة ملكية بلغت 12.8 في المائة من إجمالي قيمة الأسهم. كما أدى إنشاء مركز "فنتك السعودية" إلى فتح الخدمات المالية لأنواع جديدة من الجهات الفاعلة في مجال التقنية المالية، وتطوير الصناديق والمسرعات والحاضنات التي تركز على التقنية المالية لتوفير رأس المال الجريء والتمويل بالأسهم وتحفيز بيئة ريادة الأعمال. وأسهمت هذه الإنجازات في جعل السوق المالية السعودية "تداول" إحدى أكبر عشر أسواق مالية حول العالم.
رابعا: تقدم المملكة للمركز الخامس بين 135 دولة في أسرع دول العالم بمقياس "التنمية البشرية"، وذلك نتيجة لما حققناه من إنجازات في مجالي الصحة والتعليم. ففي القطاع الصحي تم تسهيل الحصول على الخدمات الصحية الطارئة خلال أربع ساعات بنسبة تتجاوز 87 في المائة، مقارنة بنسبة 36 في المائة قبل إطلاق الرؤية. وفي القطاع التعليمي تمت تهيئة بيئة تساعد على تنمية المهارات ومواصلة الاستثمار في التعليم والتدريب، حيث وصل عدد الجامعات والكليات إلى 63 جامعة وكلية، في الوقت الذي تضاعفت أعداد البحوث العلمية المنشورة بنسبة 223 في المائة مقارنة بالأعوام الأربعة السابقة.
خامسا: تحقيق صندوق الاستثمارات العامة المركز السابع بين أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم نتيجة مضاعفة أصوله لتصل إلى نحو 1.5 تريليون ريال في عام 2020 بعد أن كانت لا تتجاوز 570 مليار ريال في 2015. وشملت مبادرات الصندوق إطلاق مشاريع كبرى لتسهم في جذب الاستثمارات العالمية وتوفير 1.8 مليون وظيفة في عام 2025.
سادسا: تقدم المملكة للمرتبة الـ12 على مؤشر توفر رأس المال الجريء في تقرير التنافسية العالمية، إضافة إلى تحقيق المملكة المركز الثالث عالميا على مؤشر حماية أقلية المستثمرين، وذلك نتيجة دعم الابتكار في المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتكون أحد أهم محركات النمو الاقتصادي واستحداث الوظائف. كما زادت مشاركة المرأة السعودية في القوى العاملة من 19.4 في المائة في عام 2017 إلى 33.2 في المائة في عام 2020، إضافة إلى تطوير القوانين التي تحمي وتعزز حقوقها على المستويات الشخصية والمهنية.
سابعا: سعي المملكة في تنفيذ مشاريع المحافظة على البيئة من خلال استبدال التقنيات الحرارية بالتقنيات الصديقة للبيئة لتخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، إضافة إلى البدء في تنفيذ مبادرتي "السعودية الخضراء" و"الشرق الأوسط الأخضر" اللتين تهدفان إلى زيادة الغطاء النباتي، ومكافحة التلوث، والحفاظ على الحياة البحرية. كما بادرت المملكة في تطبيق مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون، الذي تبنته مجموعة العشرين لمكافحة التغير المناخي في إطار اتفاقية باريس. هذا إلى جانب المضي قدما في تنفيذ عدد من مشاريع الطاقة النظيفة لإنتاج الهيدروجين والأمونيا.
ثامنا: تحقيق المملكة ضمن مجموعة العشرين للمركز الأول في التنافسية الرقمية والمرتبة السادسة في المؤشر العالمي للأمن السيبراني. كما حققت المملكة المركز الأول عالميا في سرعة الإنترنت على الجيل الخامس. وصاحب هذه الانجازات توسع المملكة في تغطية شبكة الألياف الضوئية في المناطق الحضرية، التي فاقت في عام 2020 ثلاثة أضعاف ما كانت عليه في عام 2017.
هذه الإنجازات لا تتحقق بالأحلام فقط، فهي الناتج الحقيقي لعزم المملكة على تنفيذ رؤيتها 2030 وحزم قيادتها لتطوير سياساتها الاقتصادية وإنعاش قطاعاتها الخدمية بخطوات نوعية جريئة وبوتيرة متسارعة.
إنشرها