Author

تحفيز التنوع بعيدا عن النفط 

|

 
يدخل النمو في القطاع غير النفطي في السعودية ضمن أهمية وأولويات مخططات برامج رؤية السعودية 2030، فهذا القطاع يمثل في الواقع حجر الزاوية الاقتصادي، ليس فقط في ميدان تنوع مصادر الدخل الوطني، بل في مجال استكمال مسيرة بناء الاقتصاد المستدام.

وعلى صعيد الإنجازات المتميزة، حقق القطاع غير النفطي قفزات نوعية خلال الأعوام القليلة الماضية، ولا سيما في عام 2019، حيث ارتفع 3.31 في المائة، وكان الأعلى منذ عام 2014 عندما سجل نموا بلغ 4.86 في المائة.

وفي العام الماضي، أو عام جائحة كورونا، لم يحقق هذا القطاع نموا واضحا كما هو متوقع له، وذلك بسبب التداعيات الاقتصادية لهذه الجائحة، التي أصابت الاقتصاد العالمي كله بشلل تام في معظم القطاعات التجارية الحيوية، فما شهده العالم كان انكماشا، أكد المختصون أنه الأعمق منذ أكثر من 80 عاما. وكانت الضربات أقل وطأة على الاقتصاد السعودي، حيث استوعبها بمرونة.

ولأول مرة منذ تفشي وباء كورونا، حقق القطاع غير النفطي السعودي نموا بلغ 2.9 في المائة في الربع الأول من العام الجاري، وهذا النمو اللافت تحقق خلال الفترة الحرجة عموما، وتلقى الدعم من نمو القطاع الخاص 4.4 في المائة، إلى جانب نمو القطاع الحكومي 0.4 في المائة.

والنمو الذي حققه القطاع غير النفطي والخاص، جاء الأفضل في خمسة فصول، أو منذ الربع الأخير من عام 2019، وهذا يعني أن المخططات التنموية والتحولات الاقتصادية التي تشهدها السعودية، تمت وتنفذ بالصورة والطريقة التي وضعت لها، ولا سيما على صعيد إنجاز المشاريع المتنوعة ضمن رؤية السعودية 2030، بأعلى معايير الجودة الاقتصادية التي تكون لها أثر واضح في محركات الاقتصاد الوطني ومؤشراته، ووفق البرامج الزمنية التي خصصت لها.

فالتطور الاقتصادي عموما يخطو بثبات في كل الميادين، خصوصا تلك التي تتعلق بالإصلاحات والمشاريع الجديدة. وعلى رأس الأسباب التي أدت إلى ارتفاع النمو في القطاع الخاص عموما، ومعه القطاع غير النفطي، خطط التحفيز الحكومية التي دعمت القطاعين، في ظل المصاعب الاقتصادية الناجمة عن تداعيات جائحة كورونا على الساحة الاقتصادية عامة، إضافة إلى خطط الدعم الأخرى التي أطلقت منذ عام 2017.

وهنا نلاحظ أن نمو القطاع غير النفطي رفع مساهمته في الناتج المحلي السعودي إلى 62.8 في المائة في الربع الأول من العام الجاري، وهذه أعلى مساهمة لهذا القطاع على الإطلاق، ما يعزز المسار نحو زيادة دور القطاع المشار إليه في التنمية المستدامة. وهذه الأخيرة تمثل محورا رئيسا ضمن رؤية السعودية 2030، لأنها تستند أساسا إلى أهمية تنوع مصادر الدخل، وتنمية القطاعات غير النفطية، وطرح مشاريع تنموية مختلفة بعيدا عن القطاع النفطي.

إن هذا الحراك الاقتصادي في مجمله، مكن السعودية من المحافظة على وضعها الائتماني حتى في الظروف الاقتصادية الصعبة التي أفرزتها الجائحة العالمية بكل تداعياتها القوية، الأمر الذي دفع البنك الدولي إلى تعديل توقعاته للنمو في السعودية للعام الحالي من 2 إلى 2.4 في المائة.

ورغم أن الناتج المحلي الإجمالي في السعودية تراجع 3 في المائة على أساس سنوي في الربع الأول من العام الجاري، إلا أن هذا التراجع جاء في أدنى وتيرة خلال أربعة فصول، منذ تفشي كورونا. ولا شك في أن تراجع القطاع النفطي أسهم في انخفاض الناتج المحلي، مع التزام السعودية باتفاق خفض الإنتاج، للسيطرة على أسعار النفط في الأسواق العالمية، وحفظ توازنها.

حقيقة، إن مسار الاقتصاد السعودي يمضي قدما، والتوقعات العالمية تشير إلى أنه سيحقق نموا قويا في المرحلة المقبلة، ولا سيما في ظل الدعم الحكومي القوي للقطاع الخاص، فكل البرامج والخطط التي وضعت وتنفذ حاليا، تستهدف وصول مساهمة القطاع الخاص عموما في الناتج المحلي الإجمالي إلى 65 في المائة بحلول عام 2030، والمؤشرات الاقتصادية تدل على إمكانية تحقيق هذا الهدف المنشود، إذا ما استمرت وتيرة البناء الاقتصادي بقوتها وسرعتها الراهنة.

إنشرها