default Author

الإعلانات الإنسانية

|
عندما تتصفح هاتفك الذكي أو جهازك المحمول، تنغص عليك تلك الدعايات التي تظهر لك دون سابق إنذار، متعة مشاهدة أو قراءة ما تريد، رغم أنك قد تنصاع لها وتتوقف عند بعضها. فمن أين جاءت وما حكاية الإعلانات؟ أتذكر أول ظهور لها في تلفزيوننا المحلي كانت ظاهرة ننتظرها بفارغ الصبر، من دعايات الشاي والحليب إلى أنواع الثياب والجبنة والزيت الذي تتمايل معه جميع أنواع الخضراوات، كانت تسلية أكثر منها إعلان منتجات.
لقد تزامنت نشأة الإعلانات مع نشأة الحضارة الإنسانية، ولم يكن الهدف منها تجاريا فقط، بل كانت لطلب الشهرة أو الحصول على نفوذ أو حسب نفسية المعلن وأهدافه.
تعد المناداة أول وسيلة إعلانية استخدمها الإنسان فقد كان المنادون العموميون في العهود القديمة يستخدمون البوق أو الطبول للفت انتباه الناس، للاستماع إلى الأوامر الحكومية المكتوبة على اللفائف، وكان قدماء المصريين يرسلون المنادين ليجوبوا الأحياء للنداء على سلعهم وبضائعهم، وفعلها العرب في الجاهلية، واستمرت المناداة كوسيلة إعلانية إلى أن تم استبدالها بكتابة الإعلانات على لفائف من الجلد وتعليقها على المباني الحكومية، كي يراها أكبر عدد ممكن من الناس ويتم نقلها من مكان إلى آخر، وبذلك ظهر الإعلان المكتوب الذي زاد من تأثير الإعلان في الجمهور.
يقال: إن أول من استخدم الإعلان المكتوب هم البابليون حيث كانوا يدونون مجريات الحروب والأعمال التي يقومون بها على الألواح الطينية، ويحفظونها في أماكن العبادة، ومن أشهر تلك الإعلانات إعلان شريعة حمورابي، الذي سن أول شريعة قانونية لتنظيم العلاقات بين الناس بغية الحفاظ على الأمن والعدالة.
أما تجاريا، فقد كانوا يضعون اللوحات المكتوبة على حوانيتهم، ومثلهم قدماء الإغريق، ثم استبدلوها برموز منحوتة على الحجارة أو الخشب، لتدلل على نوعية تجارتهم.
ومن أوائل الإعلانات التي تم اكتشافها، بعض أوراق البردي في مصر التي يعلن فيها أحد تجار مصر القدماء، بيع أحد العبيد وهذا الإعلان يعد إعلانا تجاريا خالصا من حيث إكماله لخواص الإعلان التجاري.
ولم يغفلوا حتى العلامات التجارية التي تميز التجار عن بعضهم ففي بلاد ما بين النهرين كان كبار التجار في عهد الحضارات القديمة، الأكادية والبابلية
والآشورية يعلقون بعض الشعارات الدعائية الخاصة بكل تاجر على حدة، وهي أشبه بالماركة أو العلامة التجارية اليوم.
وعلى الرغم من الطابع التجاري للإعلان وأغراضه المادية، إلا أن أصحاب بعض الشركات والماركات كسبوا حب وثقة الجمهور بالدعايات التي تلامس إنسانيتهم، وتعزز من القيم والمبادئ وتشجع على الحياة الصحية بدنيا وأخلاقيا.
إنشرها