تمكين المرأة في جامعة التميز
الخطوة التي أعلنتها جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، بفتح باب القبول للطالبات في درجة البكالوريوس، تأتي في إطار التقدم الذي تحققه هذه الجامعة منذ تأسيسها في عام 1963. وفي العام الماضي، احتلت الجامعة المركز العاشر عالميا في هندسة البترول وما يرتبط بها، ما يعزز خطواتها دوليا. الخطوة الجديدة، لها كثير من الدلالات الإيجابية في مجال التعليم الجامعي، وفي مقدمتها أن قبول الطالبات - لأول مرة بدرجة البكالوريوس - يصب في مسار تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030. لماذا؟ لأن "الرؤية" تبني واقعا اقتصاديا جديدا بمفهوم حديث، يليق بمكانة وقدرات المملكة، وعملية البناء الاقتصادي لها رابطها المباشر مع التطور المجتمعي المطلوب، فالتنمية لا تتم إلا بالتطوير الاجتماعي، على أساس أن المجتمع هو الذي يصنع السوق وليس العكس.
وقطاع التعليم، عموما، يلقى اهتماما بالغا من القيادة العليا، وهو جزء أصيل من أي تقدم تنموي واجتماعي، بما في ذلك اهتمام القيادة الكبير أيضا بمجالات التأهيل والتدريب، بحيث فرضت على المؤسسات المحلية والأجنبية أن توفر هذا الجانب التدريبي والتأهيلي للمواطن، فالهدف الأول والأخير يبقى دائما تطوير كفاءات وقدرات أبناء الوطن وبناته، ليسهموا جميعا في عملية البناء والتمكين والاستدامة، وضمان مستقبل واعد ومشرق لوطنهم.
إنها عملية متكاملة بمشاركة كل أفراد المجتمع من كل الشرائح، ولا سيما الجانب الخاص بتعليم وتأهيل المرأة لدخول الساحة الاقتصادية الإنتاجية، وقد أثبتت بالفعل منذ إطلاق "رؤية المملكة" حضورها في كل الساحات، بما في ذلك ارتفاع أعداد المنضمات إلى قوائم العمل في كل القطاعات. وتعيش المرأة السعودية مرحلة تمكين غير مسبوقة في ظل المكاسب التاريخية التي حصلت عليها منذ تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز، مقاليد الحكم عام 2015.
وهناك مكاسب وإنجازات في شتى المجالات أسهمت في تمكين السعوديات واستثمار طاقاتهن وتعزيز مكانتهن، ومنحتهن مزيدا من الحقوق على طريق تحقيق المساواة بين الجنسين، ما أتاح للمرأة لعب دور مهم في التنمية، تحقيقا لأهداف رؤية 2030. وقبول الطالبات في درجة البكالوريوس في جامعة الملك فهد، له دلالة مهمة في تطوير الكفاءات الوطنية، فالقرار يأتي بعد خمسة أعوام على بدء "رؤية المملكة" بخططها التنموية المختلفة، ومشاركة المرأة ضمن المفهوم الذي أتت به "الرؤية" ليس اختياريا، بل واجبا وطنيا يؤدي إلى تمكينها في كل الحقول.
ومع طرح البكالوريوس للطالبات في السعودية في مجال البترول والمعادن، ستكون الفرص النوعية متاحة للمرأة تماما مثلما هي متاحة للرجل، أضف إلى ذلك، أن الخطوة تسهم مباشرة في تطوير الكفاءات الوطنية المطلوبة الآن أكثر من أي وقت مضى. فمرحلة البناء تتطلب مشاركة مباشرة من كل أطياف المجتمع على أسس سليمة وواقعية.
ومن الواضح الاهتمام بهذا الجانب، من خلال أن القبول حاليا يبدأ بنسبة 20 في المائة، ليرتفع بعد ذلك إلى 40 في المائة، وهذه نسبة كبيرة ونوعية في الوقت نفسه، خصوصا مع حداثة الخطوة المشار إليها. وأهم ما في الأمر أيضا، أن جامعة الملك فهد لديها برامج التخصص المبكر، عبر استحداث أكثر من 34 تخصصا دقيقا جديدا في مرحلة البكالوريوس.
كما أن التخصصات واسعة ومطلوبة أيضا، من بينها ما يرتبط بالاقتصاد الجديد والتقنيات المتطورة، بما في ذلك تلك التي تتسم بأهمية استراتيجية للسعودية، كتقنيات "الدرونز"، وأنظمة الدفاع الإلكترونية، والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، وغيرها من أشكال التقنية الحديثة.
وفي المحصلة، فإن شهادة البكالوريوس الجديدة المطروحة من قبل جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، للطالبات، يمكن اعتبارها أداة تنموية أخرى على صعيد الحراك الراهن على الساحة الوطنية، وهو أيضا أداة اجتماعية قوية، تكرس المسار المحوري نحو اشتراك المرأة في هذه الساحة في كل المجالات الملائمة لها ومتطلبات البناء.