التعاون متعدد الأطراف والتعايش مع تنافس القوى العظمى «1 من 2»
لقد تقدمت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، أخيرا، بثلاث مبادرات مهمة تعكس إعادة ارتباط أمريكا بالعالم، ودعمها التعددية العالمية الشاملة، والسؤال الكبير الآن ومع سعي الولايات المتحدة مجددا للعب دور قيادي عالمي، هو: هل يمكن أن ينجح مثل هذا التعاون؟ وكيف ستكون ردة فعل الصين على المقترحات الأمريكية؟ وذلك نظرا للتوترات الثنائية المتصاعدة بينهما.
لقد كانت المبادرة الرئيسة الأولى هي دعوة جانيت يلين وزيرة الخزانة الأمريكية، لإصدار جديد تبلغ قيمته 650 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة - الأصول الاحتياطية لصندوق النقد الدولي - وهو إجراء لم يكن يحظى بموافقة إدارة الرئيس دونالد ترمب.
إن تفاصيل الخطة التي اعتمدها وزراء مالية مجموعة العشرين ومحافظو البنوك المركزية واللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية لم يتم الانتهاء منها بعد. هذه الخطة لن تتضمن فقط إصدارا جديدا غير مسبوق لحقوق السحب الخاصة تصل قيمتها إلى 650 مليار دولار إلى دول بما يتناسب مع حصتها في صندوق النقد الدولي، بل تدعو تلك الخطة كذلك الدول التي لا تحتاج إلى حقوق السحب الخاصة تلك لإعادة تخصيصها بشكل طوعي لدول في حاجة إليها، فعلى سبيل المثال، اقترحت الولايات المتحدة إقراض بعض منها إلى الصندوق الاستئماني للنمو والحد من الفقر التابع لصندوق النقد الدولي، وذلك من أجل تعزيز قدرة الصندوق على الإقراض بشروط ميسرة.
ستكون القواعد والأحكام المقترحة ملزمة للشركات الكبيرة في جميع القطاعات، وذلك حسب مستوى الإيرادات وهامش الربح لدى تلك الشركات. إن التوصل إلى اتفاقية عالمية سيكون صعبا، لكنه سيسمح لبايدن برفع معدلات الضريبة على الشركات في الولايات المتحدة، وذلك من أجل تغطية تكاليف استثمارات مخطط لها في البنية التحتية دون أن يتم فرض معدلات ضريبة أقل عالميا، وإنهاء السباق نحو القاع الذي اتسمت به ضرائب الشركات لعقود.
هذا الخطة تعد أمرا مهما للغاية فوجود مخصصات جديدة تصل قيمتها إلى 650 مليار دولار سيزيد بأكثر من الضعف المخزون الحالي من حقوق السحب الخاصة، ما يعزز من السيولة العالمية، إضافة إلى تحرير الموارد من أجل استخدامها في الاستثمار الذي تمس الحاجة إليه، كما يمكن أن تقود إلى دعم كبير من الدول المتقدمة للدول النامية.
بينما أي إعادة تخصيص لحقوق السحب الخاصة ستكون طوعية، إلا أن الدول يمكنها أن تتجاوز النهج المجزأ من أجل تطوير آلية أكثر تنسيقا، فعلى سبيل المثال، فإن اقتراح الولايات المتحدة يمكن أن يمتد لتقديم مساهمات الحكومات المانحة بشكل روتيني لمؤسسات، مثل بنوك التنمية متعددة الأطراف، وذلك من أجل تمويل القروض الميسرة للدول النامية، إضافة إلى ذلك يمكن أن تتضمن الخطة تأسيس شركات لتحقيق غرض خاص، وذلك من أجل جذب موارد القطاع الخاص.
تدعم الصين التخصيص المقترح لحقوق السحب الخاصة، لكننا لا نعرف بعد ما إذا كانت الصين ستتفق مع الولايات المتحدة وغيرها من الاقتصادات المتقدمة على تفاصيل التطبيق، وأن تعيد تخصيص بعض من حقوق السحب الخاصة بها بأسلوب تعددي منسق، وسيكون من المثير للاهتمام أن نعرف ما الدور الذي سيلعبه البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية الذي تقوده الصين في مثل هذا المخطط؟
إن اقتراح الرئيس الأمريكي الثاني سيسمح للدول بفرض ضريبة على أكبر الشركات متعددة الأطراف وأكثرها ربحية "وعديد منها أمريكية" وذلك على أساس مبيعاتها في كل بلد وبغض النظر عن وجودها الفعلي، إضافة إلى تحديد نسبة 21 في المائة كحد أدنى عالمي لمعدل ضريبة الشركات. لقد أوردت صحيفة «فاينانشيال تايمز» بتاريخ 9 نيسان (أبريل) خبرا مفاده، أن وزارة الخزانة الأمريكية ناقشت الفكرة مع 135 بلدا، وذلك ضمن مناقشات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، مجموعة العشرين، فيما يتعلق بما يطلق عليه تآكل القاعدة الضريبية ونقل الأرباح... يتبع.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت 2021.