مدرسة النحل

كل يوم تزداد الحالات المصابة بفيروس كورونا، سواء محليا أو دوليا، ويرجع السبب الرئيس إلى تهاون البشر، إضافة إلى ذكاء الفيروسات. حملات إعلانية تملأ شاشات التلفزيونات ولوحات الإعلانات في الشوارع وعلى أبواب المحال والمطاعم، ورسائل متواصلة عبر الأجهزة الذكية، وكل شخص يعتقد بأن الرسالة موجهة لغيره، ما زاد الحال سوءا.
لقد أمرنا الله بحماية أنفسنا، والمحافظة على صحتنا، وعدم جلب الضرر على البشر من حولنا، كواجب ديني قبل أن يكون اجتماعيا، فأين نحن من مخلوقات الله الأخرى؟ فهذا النحل المعجز يطبق نظرية التباعد بحذافيرها في مملكته، فرغم عيشه في مستعمرات بأعداد كبيرة وازدحام، إضافة إلى ضعف جهازه المناعي مقارنة بالحشرات الأخرى، إلا أنه استطاع حماية نفسه والتغلب على ضعفه بممارسة سلوكيات صحية واجتماعية، مثل استبعاد الأفراد المرضى والتباعد والتخلص من اليرقات المريضة.
وأحد الأمراض الذي يصيب النحل ويفتك به، هو فيروس الشلل الحاد والقاتل، وهو فيروس شائع يصيب النحل عن طريق الطعام، ويتسبب في موت عاملات النحل بأعداد كبيرة، ما يؤدي إلى انهيار مستعمرات النحل، الذي تسبب فعليا في خسارة تقدر بنحو 50 - 90 في المائة من خلايا تربية النحل في الولايات المتحدة.
وفي أثناء هذه الكارثة، لاحظ العلماء أن النحل حاول التخلص من هذا المرض وتقليل خطورته بممارسة التباعد الاجتماعي، إذ لوحظ انخفاض كبير في حالات التلامس بين النحل المصاب والنحل السليم في الخلية الواحدة، حيث تصدر منها روائح تسهل اكتشافها داخل موطنها. بينما يحدث العكس، عندما تنتقل النحلة المصابة إلى خلية أخرى إذ تواجه بالترحاب من قبل الحراس الذين يتم خداعهم من خلال الروائح التي يفرزها جسد النحلة، وتلاعب الفيروس به ليشعر المستعمرة المضيفة بالأمان. وتمت دراسة هذه الظاهرة لدى النحل بوضع "باركود" على ظهر النحل المصاب ومراقبة سلوكه بنظام حاسوبي متطور.
لقد استشعر النحل خطورة المرض فتوقف عن التلامس وتبادل الغذاء عن طريق الفم كما يحدث عادة، الذي يصاحبه اختلاط الإفرازات وتبادل المركبات الكيماوية والهرمونية كأحد طرق التغذية والتواصل داخل المستعمرة.
قال تعالى: "أولم ينظروا في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون"، لنتعلم ونتفكر في الحشرة المعجزة، في وجودها وطريقة عيشها وما تنتجه، وأنها أحد أسباب استمرار الحياة على الأرض، لذلك ربط العلماء وجودها بوجود الإنسان، فهي تلعب دورا اقتصاديا عظيما، وتسهم في إنتاج ثلث غذاء أمريكا وحدها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي