إرادة سعودية ومبادرات خضراء 

 
وضعت السعودية استراتيجية متكاملة بعيدة المدى للإسهام في الحد من ظاهرة التغير المناخي العالمي، وربطت هذه الاستراتيجية بأدوات فاعلة، وفرتها رؤية المملكة 2030، في سبيل التنمية المستدامة. فالمنهجية كانت حاضرة منذ البداية، وهي مرنة إلى حد بعيد، وموائمة لأي مستجدات قد تحدث في هذا الميدان الدولي. ففي السعودية، هناك - مثلا - الاستراتيجية الوطنية للبيئة، ومشاريع الطاقة النظيفة، وقد وضعت الرياض هدفا محددا في هذا السياق، بأن تشكل هذه الطاقة 50 في المائة من احتياجات المملكة بحلول 2030، ناهيك عن مبادرتي السعودية الخضراء، والشرق الأوسط الأخضر، اللتان تهدفان إلى تقليل الانبعاثات الكربونية في المنطقة بأكثر من 10 في المائة من الإسهامات العالمية، فضلا عن زراعة 50 مليار شجرة في المنطقة.

خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، كان واضحا في خطابه أمام قمة المناخ العالمية، التي تجمع أكثر من 40 رئيس دولة، حيث عرض المحاور الرئيسة الكفيلة لوصول العالم إلى المستوى المطلوب والمأمول لحماية البيئة عموما. فاستراتيجية المملكة، تضع التعاون الدولي في هذا المجال في المقدمة، لأن تحديات التغير المناخي متعاظمة ومتفاقمة، والسعودية مستعدة دائما ليس للتعاون فحسب، بل للعمل المتواصل من أجل أن يكون هذا التعاون في المستوى المستهدف.

ولذلك، طرحت سلسلة من المبادرات المحورية على صعيد حماية البيئة خلال رئاستها الدورة السابقة لـ"مجموعة العشرين"، وتحركت في كل الاتجاهات من أجل رص الصفوف لتحقيق الحصول على النتائج المرجوة. جهود المملكة، أثمرت خلال قمة "العشرين"، التي عقدت في الرياض، في الحد من تدهور الأراضي وحماية الشعب المرجانية، عبر مبادرتين شكلتا محورا عالميا على صعيد الحد من التغير المناخي. وتلقت المملكة أيضا تأييدا دوليا كبيرا للمبادرتين اللتين تخصان السعودية ومنطقة الشرق الأوسط، ولا سيما في المنتدى الذي طرح فيه هاتان المبادرتان.

عرض الملك سلمان، الحقائق كما هي على صعيد التغير المناخي، منطلقا من أن التعامل معها يتطلب حلولا شاملة لا جزئية، وهناك فرص مواتيا بالفعل لتوفير الحماية اللازمة للأجيال القادمة وحماية كوكب الأرض، ولا سيما مع تنامي الوعي العام بهذا الخصوص. ولأن الأمر بهذه الأهمية، عززت المملكة دورها الريادي، وتبنت مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون، بل أسست أول مجموعة خاصة للبيئة فيها. وعلى الصعيد المحلي، أسهمت المحميات في زيادة الغطاء النباتي في المملكة 40 في المائة، وتم رفع كفاءة إدارة المخلفات، والحد من التلوث، ومقاومة ظاهرة التصحر، والاستثمار الأمثل للثروة المائية.

المبادرات السعودية ستؤدي إلى تقليل الانبعاثات الكربونية بأكثر من 4 في المائة من مساحة أراضي المملكة، لتتجاوز المستهدف العالمي. الحراك السعودي واسع ومتنوع في هذا المجال، وفق معايير رؤية المملكة 2030، التي نصت على حماية الشواطىء والمحميات والجزر، وتم إنشاء أكبر مصنع في العالم لتنقية غاز الكربون. وهناك كثير من المشاريع المساعدة، مثل تصاعد عمليات توليد الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية، وهذه المشاريع ستسهم في خفض 500 ألف طن سنويا من الانبعاثات الكربونية. كما أن هناك 60 مبادرة تتناول جميع جوانب البيئة، بتكلفة بلغت 50 مليار ريال.

في حين أن انبعاثات الكربون من أعمال شركة أرامكو تعد الأدنى مقارنة بأي شركة نفط عالمية كبرى، ناهيك عن الخطة الهادفة إلى توليد الكهرباء من الغاز ومصادر الطاقة المتجددة بنسبة 50 في المائة لكل منهما بحلول عام 2030، ما يعني إزاحة مليون برميل بترول مكافىء من الوقود السائل يوميا. هناك كثير من المخططات التي تضع السعودية في مقدمة الحراك العالمي للحد من الانبعاثات الكربونية، فضلا عن دورها المحوري في الحد من ظاهرة التغير المناخي. إن هذه المسؤولية حملتها القيادة في المملكة لنفسها، من أجل الإنسان ومستقبله، ومن أجل الأجيال القادمة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي