Author

رؤية جديدة لمستقبل الاقتصاد الأمريكي وإصلاحه «1من 2»

|

أستاذ الاقتصاد السياسي الدولي ـ كلية كينيدي ـ جامعة هارفارد ـ رئيس الرابطة الاقتصادية الدولية.

من المحتمل أن تكون خطة البنية التحتية التي وضعها الرئيس جو بايدن التي تبلغ تكلفتها تريليوني دولار، نقطة تحول بالنسبة للاقتصاد الأمريكي. وهو ما يشير بوضوح إلى أن عصر الليبرالية الجديدة القائم على الاعتقاد أن الأسواق تعمل بصورة أفضل وتصبح أفضل حين تترك بمفردها، أصبح من الماضي. لكن رغم أن النيوليبرالية ربما أصبحت في خبر كان، ليس واضحا ما الذي سيحل محلها.
وتختلف التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة والاقتصادات المتقدمة الأخرى اليوم اختلافا جوهريا عن تلك التي واجهتها في العقود الأولى من القرن الـ 20. فقد أدت تلك التحديات السابقة إلى ظهور الصفقة الجديدة ودولة الرفاهية. وتتطلب مشكلات اليوم التي تتجلى في تغير المناخ واضطراب أسواق العمل بسبب التقنيات الجديدة والعولمة المفرطة، حلولا جديدة. فنحن بحاجة إلى رؤية اقتصادية جديدة، وليس حنينا إلى عصر أسطوري من الازدهار المشترك على نطاق واسع في داخل البلاد، والهيمنة العالمية خارجها.
وفيما يتعلق بتغير المناخ، فإن خطة بايدن لا ترقى إلى مستوى الصفقة الخضراء الجديدة التي دعا إليها الديمقراطيون التقدميون، مثل النائبة ألكساندريا أوكاسيو كورتيز. لكنها تتضمن استثمارات كبيرة في الاقتصاد الأخضر، مثل دعم أسواق السيارات الكهربائية، وبرامج أخرى لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ما يجعلها أكبر جهد فيدرالي بذل على الإطلاق للحد من غازات الاحتباس الحراري. وفيما يتعلق بالوظائف تهدف الخطة إلى توسيع نطاق التوظيف وتقديم رواتب ومزايا جيدة، مع التركيز، إضافة إلى البنية التحتية، على التصنيع واقتصاد الرعاية المتنامي والأساسي.
إن الأساليب الجديدة في التفكير في دور الحكومة لا تقل أهمية عن الأولويات الجديدة. وعد عديد من المعلقين خطة بايدن للبنية التحتية عودة إلى الحكومة الكبيرة. لكن الحزمة موزعة على ثمانية أعوام، وسترفع الإنفاق العام بنسبة نقطة مئوية واحدة فقط من الناتج المحلي الإجمالي، ومن المتوقع أن تدفع تكاليفها بنفسها في نهاية المطاف. لقد طال انتظار تعزيز الاستثمار العام في البنية التحتية، والتحول الأخضر، وإيجاد فرص العمل. حتى لو لم تكن الخطة مجرد دفعة قوية للاستثمار العام تستمد تمويلها من ضرائب الشركات الكبرى، فإنها ستفيد الاقتصاد الأمريكي كثيرا.
لكن خطة بايدن يمكن أن تكون أكثر من ذلك بكثير. إذ يمكنها أن تعيد تشكيل دور الحكومة في الاقتصاد والطريقة التي ينظر بها إلى هذا الدور بصورة أساسية. إن الشكوك التقليدية بشأن الدور الاقتصادي للحكومة متجذرة في الاعتقاد أن الأسواق الخاصة التي لها دافع الربح تتسم بالكفاءة، في حين أن الحكومات مسرفة. لكن تجاوزات الأسواق الخاصة في العقود الأخيرة بما في ذلك، تصاعد الاحتكارات، وحماقات التمويل الخاص، والتركيز الشديد للدخل، وتزايد انعدام الأمن الاقتصادي، قد أزالت بريق القطاع الخاص. وفي الوقت نفسه أصبح مفهوما على نحو أفضل، اليوم، إنه في ظل اقتصاد معقد مثل الاقتصاد الأمريكي يتسم بكثير من عدم اليقين، من غير المرجح أن تنجح اللوائح التنظيمية التي يعتمد على النهج التنازلي... يتبع.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2021.

إنشرها