Author

الاقتصاد العالمي والتعافي المتفاوت «2 من 2»

|
على النقيض من الاقتصادين الأمريكي والصيني، كانت الاقتصادات الأوروبية، سواء في قلب منطقة اليورو أو محيطها الخارجي، تصارع موجة أخرى من كوفيد - 19، وبرامج التطعيم المتعثرة، والافتقار إلى اتجاه واضح للسياسات. ورغم أن الإنتاج الصناعي، خاصة في ألمانيا، صمد بشكل جيد، فسيضطر قسم كبير من منطقة اليورو في الأرجح للانتظار حتى أواخر عام 2022 قبل أن يعود إلى مستويات ما قبل كوفيد - 19 من الناتج المحلي الإجمالي.
حققت المملكة المتحدة، التي واجهت عام 2020 انتكاسة مزدوجة من الخروج من الاتحاد الأوروبي وكوفيد - 19، تقدما طيبا في تطعيم سكانها، ونجحت بالتالي في تحسين آفاق نموها. مع ذلك، يبدو التعافي في اليابان هشا رغم تدابير التحفيز المكثفة مع بقاء ثقة المستهلك على ضعفها فضلا عن ضعف نمو الصادرات.
أما عن الأسواق الناشئة، فيبدو الآن أن الأمر يشتمل على مسارات اقتصادية متعددة، بعضها أفضل كثيرا من بعضها الآخر. في الهند، يسهم قطاعا التصنيع والخدمات في الانتعاش القوي. لكن عودة فيروس كورونا إلى الظهور، وارتفاع التضخم، والحيز المالي المحدود بسبب مستويات الدين العام المرتفعة، من الأسباب التي قد تقوض بعض هذا الزخم.
في الوقت الحالي، أدى انتعاش أسعار النفط إلى دعم آفاق كبار المنتجين، مثل نيجيريا وروسيا والسعودية. على النقيض من هذا، يترنح اقتصاد البرازيل، ما يعكس انتشار الفيروس دون رادع، نتيجة القيادة السياسية غير الفاعلة. وتواجه تركيا مخاوف مماثلة من تراجع عنيف لمؤشرات نموها الاقتصادي وضعف عملتها التي سجلت تراجعا مخيفا، ولم تتمكن على الأقل من تحقيق نمو إيجابي، ولو بشق الأنفس، في عام 2020.
بعد انخفاض ملحوظ خلال عام 2020، استقر الدولار عام 2021. وبالتوازي مع الاتجاه الصاعد لعوائد السندات الأمريكية، لا يبشر هذا بخير بالنسبة إلى عديد من الأسواق الناشئة وغيرها من الاقتصادات النامية، خاصة تلك المعرضة بشدة للديون بالعملات الأجنبية. وقد تزداد حدة الضغوط في الأسواق المالية إذا استمرت أنماط النمو المتباينة خلال عام 2021 "مع الاقتصادات المعرضة للخطر التي تسجل نموا أضعف".
على هذا، وصل الاقتصاد العالمي إلى لحظة محورية. فالآن، يواجه عديد من الدول صعوبة بالغة في اتخاذ القرار حول ما إذا كان لزاما عليها أن تفتح اقتصاداتها رغم استمرار انتشار الفيروس، وما إذا كان من الواجب عليها أن تطلق العنان للتحفيز الإضافي للاقتصاد الكلي الذي قد يعرضها لمقايضة غير مواتية بين الفوائد قصيرة الأجل والتعرض لنقاط ضعف أطول أمدا. وأسباب عدم اليقين والشكوك كثيرة، والمخاطر عالية، وعدم الحسم في صنع السياسات من شأنه أن يلحق الضرر بثقة المستهلك والأعمال في الاقتصادات الأكثر ضعفا، ما يضيف إلى الضغوط الاقتصادية.
لا تزال الوصفة من أجل التعافي القوي الدائم على حالها: التدابير الحازمة للسيطرة على الفيروس، مقترنة بالحوافز النقدية والمالية المتوازنة والسياسات الداعمة للطلب والقادرة على تحسين الإنتاجية. في الاقتصادات التي تشهد تعافيا قويا، من السابق للأوان التخفيف في أي من البعدين، وفي أماكن أخرى، يحتاج صناع السياسات إلى مضاعفة جهودهم على الجبهتين.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2021.
إنشرها