الصورة الشخصية والتقنية المضادة
بإجراء بحث سريع عن اسمك على محرك البحث "جوجل" قد تتفاجأ بوجود كثير من صورك الشخصية التي لم تعد تتذكر أين ومتى التقطتها. وقد يزيد عدد صورك المتوافرة على محركات البحث إن كنت سمحت بمشاركة بياناتك الشخصية على منصات التواصل مثل "فيسبوك" و "لينكد إن" في فضاء الإنترنت دون أي قيود. ومع تزايد انتشار الهواتف الذكية وتطبيقاتها المتطورة، أضحى استخدام الصور الشخصية إحدى الوسائل المتداولة للنفاذ لجهازك الخاص أو لاستخدام أحد التطبيقات المثبتة عليه. تعرف تقنية النفاذ تلك بتقنية التعرف على الوجه أو الـface recognition. لكن كيف يمكن حماية أجهزتنا من الاختراق أو الاستخدام غير المصرح في حال توافر صورنا الشخصية على فضاء الإنترنت؟.
قامت شركة ناشئة عام 2017 وتدعى Clearview AI في الولايات المتحدة ومختصة في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بمساعدة جهات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة للتعرف على المطلوبين في القضايا الجنائية وتقديمهم للعدالة. وكان من أبرز الوسائل التي انتهجتها الشركة استخدام صور المطلوبين والمتوافرة على صفحات "فيسبوك"، وتطبيق خوارزميات الذكاء الاصطناعي وتقنيات التعرف على الوجه لتحديد هوية المطلوبين. وكردة فعل لاستخدام الشركة لتلك الصور الشخصية التي قد يراها البعض تجاوزا غير قانوني في استخدام بيانات شخصية حسب أنظمة الولايات المتحدة، قام مجموعة من الباحثين في جامعة شيكاغو بإجراء مضاد للحد من استخدام تلك البيانات دون تصريح من أصحابها. طورت المجموعة البحثية تقنية مضادة لتزييف الصور الشخصية دون ملاحظة ذلك بالعين المجردة. حيث تعتمد التقنية على تغيير رموز محدودة في مكونات الصورة pixel التي لا تلاحظها العين، لكن عند استخدامها في برامج التعرف باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي يتعذر التعرف على صاحب الهوية الحقيقية لتلك الصورة بفعل ذلك التشويه. حيث تقوم برامج الذكاء الاصطناعي بتدريب خوارزمياتها عبر تغذيتها بصور متعددة لشخص محدد، لتستطيع بذلك التعرف مستقبلا على هوية صاحب الصورة من صورة مختلفة له. عادة تستخدم برامج التعرف تلك في أنظمة الحماية أو أنظمة إنفاذ القانون حتى في بعض البرامج الدعائية. وللتأكد من فاعلية هذه التقنية الجديدة التي سميت Fawkes، قام فريق البحث بتجريب عديد من الصور على نماذج شهيرة للذكاء الاصطناعي على منصات أمازون ومايكروسوفت ولم تستطع التعرف على أصحاب تلك الصور.
إن عملية إخفاء الهوية عبر تزييف بعض خصائص الصور الشخصية قد تحل مشكلات انتحال الصور أو إساءة استخدامها للحصول على بيانات غير مصرح بها، خصوصا عند عدم تحكمنا في انتشار بعض صورنا الشخصية بسبب ارتباطنا الوثيق باستخدامات وسائل التواصل الاجتماعي. إن خصوصية البيانات بشكل عام تعد أمرا مقلقا على مستوى الأفراد أو الحكومات، وتتطلب تضافر الجهود للحد من إساءة استخدامها. وتبقى مسألة زيادة الوعي بالمحافظة على بياناتنا الشخصية وعدم مشاركتها إلا لأغراض مشروعة شأنا بالغ الأهمية. كما أن تشريع الأنظمة واللوائح التي تقنن استخدام البيانات وكيفية مشاركتها من القضايا المهمة التي تتطلب الانتباه في هذه الحقبة الرقمية.