ثقافة التغيير .. لنكون في الطليعة

تمر المؤسسات والشركات بمنعطفات وتغيرات جوهرية في بيئتها أو الظروف المحيطة بها تضطرها لمواءمة نفسها مع هذه المتغيرات والظروف. فيعزم بعضها على مواكبة هذه التحولات للحاق بالركب من المنافسين أو للمحافظة على الصدارة في ميدان أعمالها. والأسوأ حالا من لا يبرح مكانه ظانا أن الاستمرار بنماذج أعماله الحالية، أو عدم إحداث تغيير ضامن ببقاء هذه الشركات ومواصلة نموها أو تطورها. ومن أشهر الأمثلة على هذا النهج شركة نوكيا الفنلندية عملاق الاتصالات والهواتف المتنقلة في وقتها، عندما خرجت من نادي كبار مصنعي الهواتف المتنقلة بعد أن كانت في الصدارة، والسبب عدم تبني الشركة التغيير ومواكبة التطوير في عالم الهواتف الذكية. وعلى الضفة الأخرى، المؤسسات أو الشركات التي بدأت في مرحلة التغيير، سواء بشكل استباقي أو حتى استجابة لظروف عصيبة مرت بها وأحدثت فرقا في صدارتها أو نموا في مبيعاتها إن كانت مؤسسات ربحية. إلا أن هذا لا يعني أن تبني ثقافة التغيير تستلزم تبوؤ سلم النجاح من أول خطوة تتخذها هذه المؤسسات، فالرحلة الطويلة وأسباب الإخفاق كثيرة.
يذكر جون كوتر في كتابه "قيادة التغيير" أن من أبرز مقومات نجاح التغيير في المنظمات والشركات وعدم إخفاقها هو وجود رؤية واضحة ومحددة تتماشى مع جهود وأهداف التغيير المنشود. لكن قبل إطلاق رؤية جديدة، لا بد من وجود فريق يؤمن بهذا التغيير ويحظى بتمكين من الإدارة العليا للجهة. وكلما ازداد انضمام التنفيذيين للمشاركة في رحلة التغيير باتت فرص نجاح محاولات التغيير أكبر. إن ازدياد حجم فريق التغيير الأساسي من القادة والتنفيذيين سيساعد حتما على زيادة شريحة المنضمين من باقي موظفي المؤسسة أو الجهة. أيضا لا تغفل أهمية التواصل الفعال وإطلاع جميع أعضاء المؤسسة برحلة التغيير ومراحلها، والرؤية التي ترتكز عليها. إن الظفر بتكاتف الفرق والأشخاص لتبني التغيير وصنع الفارق في المؤسسات مرهون بإيصال الرسالة العامة لهم وفهم الغاية من هذا التغيير، ولمن وكيف يصنع هذا التغيير؟. من الضروري أيضا إزالة المعوقات التي تقف سدا منيعا في هذا إحداث التغيير سواء كانوا مديرين يقاومون التغيير أو هيكلا تنظيميا لا يتلاءم مع التحديات الجديدة. ولتوطيد مبدأ نجاعة التغيير وغرس مبادئه في المؤسسات لا بد من تحقيق بعض المكاسب السريعة التي تعد كإثبات حالة أو جوائز قريبة المنال لتعظيم الأثر وزيادة الإيمان بخطوات التغيير. إضافة إلى ذلك، فإن بناء التغيير على أساس صلب يتطلب تهيئة الظروف في المؤسسة لاحتواء هذه الثقافة وترسيخها كالتغيير في الهياكل التنظيمية وتوظيف الكوادر وتدريبها لمواصلة المسير في رحلة التغيير. حتى يتجذر هذا التغيير في المؤسسة، فإن الجهد يجب أن ينصب على ربط هذه التغييرات بالنتائج الإيجابية التي حققتها الجهة عبر تلك الرحلة. إن اقتناع أفراد المؤسسات والشركات بالمكاسب المتحققة وإنها مرتبطة بثقافة التغيير التي تبنوها، سيزيد ثقتهم بهذا التحول وسيعملون جنبا إلى جنب في المحافظة على القيم والمكتسبات الجديدة وترسيخها في مؤسستهم. وأختم بالقول: إن تبني ثقافة التغيير باتت أمرا ملحا في ظل المتغيرات التي تمر من حولنا، وازدياد التحديات التي تواجهنا والعالم أجمع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي