إعادة بناء عالم ما بعد كوفيد - 19 «2 من 3»
إن التباطؤ الأخير في نمو الإنتاجية أسبابه غير مفهومة جيدا. لكن يبدو أن أحد العوامل المساهمة في ذلك هو أن عديدا من تكنولوجيات الأتمتة، مثل أكشاك الدفع الذاتي أو خدمة العملاء الآلية، لا تحقق قدرا كبيرا من النمو في الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج. وبعبارة أخرى، بدلا من تحقيق مكاسب الإنتاجية، كانت الأتمتة مفرطة، لأن الشركات تطبق تكنولوجيات الأتمتة إلى حد يتجاوز ما يتطلبه تخفيض تكاليف الإنتاج، أو لأن هذه التكنولوجيات لها تكاليف اجتماعية، نظرا لأنها تؤدي إلى انخفاض التوظيف وأجور العمالة. وقد تكون الأتمتة المفرطة أيضا سببا من أسباب تباطؤ نمو الإنتاجية، لأن قرارات الأتمتة لا تقلل التكاليف، والأهم من ذلك التركيز الكبير على تكنولوجيات الأتمتة فقد يتسبب في فقدان الشركات مكاسب الإنتاجية من المهام الجديدة، والأشكال التنظيمية الجديدة، والاكتشافات التكنولوجية المكملة بدرجة أكبر للبشر.
لكن هل الأتمتة مفرطة حقا؟ أعتقد ذلك. فبادئ ذي بدء، عندما يتخذ أصحاب العمل قرارات بشأن إحلال الآلات محل العمالة، فهم لا يأخذون في الحسبان الاضطرابات الاجتماعية الناجمة عن فقدان الوظائف خاصة الوظائف الجيدة، ما يوجد تحيزا نحو الأتمتة المفرطة.
والأهم من ذلك أن هناك عدة عوامل يبدو أنها دعمت الأتمتة بما يتجاوز المستويات المرغوبة اجتماعيا. فقد كان التحول في استراتيجيات الشركات الأمريكية الكبرى أمرا غاية في الأهمية. كذلك فإن التكنولوجيا الأمريكية والعالمية تتأثر بقرارات حفنة من شركات التكنولوجيا الكبيرة جدا والناجحة جدا التي لديها قوى عاملة قليلة العدد ونموذج عمل قائم على الأتمتةAcemoglu and Restrepo 2020. فشركات التكنولوجيا الكبرى، ومنها "أمازون" و"علي بابا" و"ألفابت" و"فيسبوك" و"نتفليكس"، مسؤولة عن أكثر من دولارين من كل ثلاثة دولارات يتم إنفاقها عالميا على الذكاء الاصطناعي 2017McKinsey Global Institute. ولا تؤثر رؤيتها، التي تتمحور حول إحلال الخوارزميات محل البشر، على إنفاقها فحسب، بل أيضا على أولويات الشركات الأخرى وتطلعات وتركيز مئات الآلاف من الطلاب والباحثين الشباب المختصين في علوم الكمبيوتر والبيانات.
بالطبع، لا توجد مشكلة في سعي الشركات الناجحة للترويج لرؤيتها الخاصة، لكن علينا أن نحترز عندما لا يكون لدينا سوى هذه الرؤية. فالنجاحات التكنولوجية السابقة غالبا ما كانت مدفوعة بتنوع الرؤى والمناهج. وإذا فقدنا هذا التنوع، فإننا نخاطر أيضا بفقدان ميزتنا التكنولوجية.
وقد تفاقمت مشكلة هيمنة حفنة من الشركات على مسار تكنولوجيا المستقبل أيضا من خلال تضاؤل الدعم المقدم من حكومة الولايات المتحدة للأبحاث الأساسيةGruber and Johnson 2019. فالسياسة الحكومية، في واقع الأمر، تشجع الأتمتة على نحو مفرط، خاصة من خلال قانون الضرائب. ولطالما تلقى رأس المال معاملة ضريبية أفضل مقارنة بالعمالة بموجب نظام الضرائب الأمريكي، ما شجع الشركات على إحلال الآلات محل العمالة، ربما حتى عندما تكون العمالة أكثر إنتاجية.
ويشير بحثي الذي أجريته مع أندريا مانيرا وباسكوال ريستريبو إلى أن العمال دفعوا ضرائب على مدار الـ 40 عاما الماضية بمعدل ضريبة فعلي يتجاوز 25 في المائة من خلال ضريبة الرواتب وضريبة الدخل الفيدرالية Acemoglu, Manera, and Restrepo 2020. حتى قبل 20 عاما، كان يفرض على رأس المال ضريبة تتجاوز قليلا الضريبة المفروضة على العمالة، حيث بلغت معدلات الضريبة على الاستثمار في المعدات والبرمجيات نحو 15 في المائة. وقد اتسع هذا الفارق بسبب التخفيضات الضريبية على الدخول المرتفعة، وتحول عديد من الشركات إلى شركات مغلقة من الفئةS Corporations S المعفاة من الضرائب على دخل الشركات، ومخصصات الإهلاك الكبيرة. ونتيجة لهذه التغيرات، يتم فرض ضرائب على الاستثمار في البرمجيات والمعدات بمعدلات أقل من 5 في المائة في الوقت الحاضر، وفي بعض الحالات، يمكن للشركات الحصول على دعم صاف عندما تستثمر في رأس المال. ويوجد ذلك دافعا قويا للأتمتة المفرطة... يتبع.