ثقافة الرفق
الرفق وما أدراك ما الرفق. إنه خصلة من أفضل الخصال التي ينبغي أن يتحلى بها الإنسان ويعود نفسه على ممارستها وتطبيقها على نفسه وعلى مجتمعه بمختلف مكوناته من بشر وشجر وحيوان وحجر! الرفق سلوك إنساني راق ولكنه مع الأسف يغيب عند كثير من الناس، فالرفق تحكم في هوى النفس ورغباتها وحمل لها على الأناة والصبر وكظم لما قد يواجهه الإنسان من إساءة أو تطاول في قول أو فعل. يحض الشارع الحكيم على الرفق "فاتقوا الله ما استطعتم"، "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها" والحبيب يقول لزوجته "يا عائشة أن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله" ويقرر "أن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه". إنه لمن المهم أن يعود الإنسان نفسه على الرفق ليتحول هذا الأمر مع كثرة الممارسة إلى سلوك طبيعي، ويكون بذلك قدوة لمن حوله وبكثرة من يطبقه يصبح سمة مجتمعية ورافدا أساسا من روافد الأمن والسكينة والسعادة في المجتمع. قد يخشى البعض من أن يكون رفيقا لين الجانب حتى لا يوصف بالضعيف وهذه نظرة خاطئة، إذ لا يطبق الرفق إلا الأقوياء القادرون على ضبط تصرفاتهم.
لو سار ألف مدجج في حاجة
لم يقضها إلا الذي يترفق
ويقول آخر
خذ الأمور برفق واتئد أبدا
إياك من عجل يدعو إلى وصب
الرفق أحسن ما تؤتى الأمور به
يصيب ذو الرفق أو ينجو من العطب
تشير دراسة أجريت في جامعة ميتشيجان الأمريكية إلى أن الرفق يطيل من عمر الإنسان - بإذن الله - وأن الرفق يعزز الشعور بالرفاهية ويحسن المزاج في ظل تأثيره الإيجابي في هرمون الإندورفين Endorphin. وما من شك أن المنزل هو منطلق تعليم الرفق لأن الأبناء سيتربون على المنهج الذي يرسمه لهم الوالدان، الذي يرونه مطبقا في سلوكهم، كما أنه من الأهمية بمكان أن يحرص المربون على مراقبة ما يشاهده الأطفال خاصة الألعاب الإلكترونية، نظرا لاحتوائها على ما يرسخ مفهوم العنف والقسوة ضد الغير. وحسنا فعلت وزارة التعليم في المملكة حين أعلنت تفعيل وتطبيق برنامج "رفق" وهو برنامج وقائي علاجي يهدف إلى إشاعة التسامح والرحمة والعفو بين أفراد المجتمع.