الصور القديمة
من أكثر المشاعر صدقا في الحياة التي سنشعر بها هي حين نتصفح ألبوم الصور القديمة، تلك الصور التي تم التقاطها لنا في بدايات طفولتنا ومراحلنا الدراسية ومع الأصدقاء والأهل والمناسبات العائلية وطلعات البر والأعياد وغيرها، صور قديمة ستخبرنا عن كمية الصدق والمشاعر الحقيقية التي كنا نعيشها التي لا يمكن تعويضها في هذا الزمن حتى لو كنا نمتلك أثمن وأغلى الكاميرات في العالم، ورغم رداءة التصوير وقتها الذي كان يتم عبر الكاميرا الفورية أو كاميرا التحميض، ورغم بساطة زوايا التصوير التي نختارها، ورغم عدم الاستعداد الجيد لالتقاط الصورة، إلا أنها ستبقى صورا تنبض بالحياة والأحاسيس الصادقة.
لا أقصد من مقالي هذا عزيزي القارئ من مواليد السبعينيات والثمانينيات الميلادية أن أجعلك تشعر بالحسرة والألم على زمن مضى، وأن تهرع لألبوم صورك القديمة تتصفحه بكل الحنين لتلك الذكريات التي لا تعوض، بل لأدعوك لأن تراجع كثيرا من علاقاتك مع من حولك من الأقارب والأصدقاء ممن جمعتك بهم تلك الصور القديمة التي تقبع في ألبوم الصور، تمعن جيدا في تلك الابتسامات التي تتوسد شفاههم وقد نبعت من قلوبهم، تفحص تلك الأيدي التي تتعانق فوق بعضها و”تلم” الأجساد إلى بعضها بعضا حتى تتسع لها الصورة، شاهد بساطة الثياب وعدم التركيز على تفاصيل المكان وخلفيات الصورة بقدر التركيز على تدفق المشاعر والحماس للتصوير والتقاط اللحظة، كل ذلك يجب أن يدفعك للتساؤل، ما الذي حدث؟ وأين هؤلاء الأحبة الذين فرقت بيننا وبينهم الحياة؟ وأين رحلت كل تلك المشاعر الصادقة وكيف تمزقت خيوطها؟. وهل حوادث الزمان ومشكلاته وانشغالنا بلقمة العيش وأكذوبة “ما عاد بالوقت بركة” هي السبب فعلا في حرماننا من الوجود والتواصل مع من أحببناهم في يوم ما واقتسمنا معهم ذكريات ألبوم الصور القديمة؟
ربما أوجد بعض العذر حين يتعلق الأمر برفاق الطفولة والدراسة وأبناء الحارة والجيران وزملاء الجامعة والعمل، ولكن لا عذر إطلاقا لإخوان وأخوات جمعتهم الصور القديمة وفرقتهم الحياة، اقتسموا معا ضيق الرحم وحلاوة اللقمة في الصحن نفسه وبساطة منزل العائلة وأفراح قدوم رمضان والأعياد والأحداث الحلوة والمرة طيلة أعوام وجودهم معا، ثم حين استقل كل واحد منهم في حياته ضعفت الروابط أو كادت تنقطع.
وخزة
رمضان على الأبواب وكل ما أطلبه منك عزيزي القارئ أن تتفقد صورك القديمة التي جمعتك بإخوانك وأخواتك ممن انقطعت علاقتك بهم أو ضعفت، ثم احرص على أن تضيف لها صورة حديثة تحمل كل مشاعر الصدق والحب والأخوة.