Author

ضرورة حوكمة الشركات العائلية

|
تمثل الشركات العائلية حول العالم نواة النشاط الاقتصادي، وتشغل نسب وجود الشركات العائلية أرقاما عالية في جميع الأسواق. هذا بسبب طبيعة نشأة المشاريع وتطورها في مراحل زمنية سابقة. بقاء هذه الشركات ونموها مع الأجيال المتعاقبة يعدان من الأمور بالغة الصعوبة نظرا للتغيرات في المكون الأساسي، وهو المنشئ "رائد الأعمال" لهذه الشركات. ونتيجة لذلك يصبح اختلاف تركيبة الملكية وتعاقب الأجيال فيها سببا للتوقف والخروج من السوق وهذا أمر طبيعي أيضا.
تشكل إحصائيات الشركات حول العالم أرقاما كبيرة، وتعكس أهمية هذه الشركات للاقتصاد الوطني في جميع دول العالم، حيث تمثل نسبة هذه المنشآت ما يقارب 70 في المائة من حجم الشركات في العالم، وتسهم في تحقيق ما يزيد على 60 في المائة من الناتج القومي الإجمالي. هذه الشركات نشأت في أنشطة مختلفة، ويكاد لا يخلو نشاط تجاري حول العالم من وجود الشركات العائلية، ولهذا تواجه مثل هذه الشركات تحديات كبيرة في المحافظة على مكانتها، ونموها وبقائها في الأسواق.
يمثل تطور الشركات العائلية وزيادة حجمها، إضافة الي تغير تركيبة الملكية فيها، وعوامل عديدة أخرى تحديات تواجه هذا النوع من الشركات في سبيل البقاء والنمو. عديد من هذه الشركات لا يستطيع النجاة والنمو في اتجاه توسعي يصل بها الي الأسواق المالية والطرح العام لأسباب عديدة، منها ما يتعلق بحجم الشركة ونشاطها، ومنها ما يتعلق بفكر ملاكها المتمثل في السيطرة على هذه التجارة بوصفها سرا من أسرار العائلة المالكة دون غيرها. بحسب مدارس إدارة الشركات، تتبنى المدرسة الرأسمالية منهج الفصل بين ملكية أسهم الشركة والإدارة المحترفة، وفي هذه المدرسة يمارس الملاك مهام الإدارة والرقابة باستقلالية تمكن من تفعيل أدوات حوكمة الشركات وقواعدها الاسترشادية. في حين تمثل المدرسة الأخرى الفكر الاشتراكي بتبني وجود مجلسين أحدهما للمديرين والآخر للمستشارين لأعمال الشركة.
في الشركات العائلية المغلقة التي وصلت الي الجيل الثاني أو الثالث ومع كبر حجم هذه المنشآت لدرجة يصعب معها تنفيذ طريقة الإدارة بالشكل السابق لها، أصبح وجود مجلسين أحدهما للإدارة والآخر للرقابة أمرا ملحا للفصل بين صلاحيات الملاك ولتقليل مخاطر تضارب المصالح والتأخر في صنع القرارات. وهذه الحالة تطبق في بعض الشركات العائلية كبيرة الحجم.
لهذا، فإن وجود آليات واضحة لممارسة حوكمة الشركات العائلية، وتطبيقها، وتفعيل أدوات الإفصاح والشفافية، أصبحت أمرا ملحا لاستمرار هذه الشركات، والمحافظة على الاقتصاد الوطني ومستوى النمو والاستدامة لهذه الشركات وحمايتها من المخاطر وتقلبات الأسواق العالمية.
تكامل الجهود في سبيل تطوير هذه الشركات بحاجة إلى دعم وتحفيز من كل القطاعات. ورغم أهمية هذه الشركات، إلا أن الدراسات الخاصة بواقع هذه الشركات، تظل محدودة، ولا تقدم المأمول في سبيل سبر أغوار هذا النوع من الأنشطة التجارية، أو تطويرها من أجل تحقيق مكاسب على المستوى الوطني، وهذا الأمر بحاجة إلى التفاتة رسمية لتفعيله.
إنشرها