صديقتي الضرة
كنت أشاهد برنامجا على إحدى القنوات المصرية وشدتني القصة التي قدمتها المذيعة خلال لقائها بأبطالها الحقيقيين. إيمان امرأة مصرية متزوجة منذ 16 عاما، لم يكتب الله لها أن تصبح أما، وحين ذهبت للعلاج أخبرها الأطباء أنها تعاني مشكلة كبيرة تمنعها من الإنجاب، عرضت على زوجها أن يتزوج بأخرى حتى لا تحرمه من الذرية، وفعلا تزوج بأخرى اسمها أمل قبل 13 عاما، بعد أشهر قليلة طلبت أمل أن تلتقي بضرتها إيمان، وخلال اللقاء تم التعارف ونشأت علاقة صداقة قوية، بينهما وبعد ثلاثة أعوام انتقلت إيمان للسكن مع ضرتها في الشقة نفسها وأنجبت الزوجة الثانية أربعة أبناء، تقاسمت رعايتهم مع ضرتها بكل الحب والحنان، أثناء اللقاء التلفزيوني شعرت بكمية الحب الهائلة التي تسبغها الزوجة الأولى على أبناء ضرتها، وهم كذلك يبادلونها المشاعر نفسها، حين سألتهم المذيعة عمن يحبون أكثر ويفضلون قضاء الوقت معها ويفضون لها بأسرارهم الطفولية، اختاروا بلا استثناء "ماما إيمان"، أما الصدمة العظمى فكانت حين أخبرت الزوجة الثانية المذيعة بجهودها لجمع مبلغ مالي يسهم في عملية حقن مجهري ربما يحقق حلم إيمان بالأمومة. مثل هذه القصص الإنسانية التي تشعرنا بأن الدنيا ما زالت بخير نحتاج إليها كثيرا في عالمنا المشبع بالجفاف والتصنع والزيف.
إشكالياتنا في هذا العالم أن الإعلام المرئي والمقروء والمسموع يركز الضوء على القصص السوداوية التي تتمحور حول الخيانة والجحود والغدر والقسوة والكراهية، ما يغذي المشاعر السلبية في الناس ويدفعهم للتفكير كثيرا قبل الإقدام على صنع الخير والتعامل بحسن النية مع الآخرين. أذكر مرة كنا في زيارة لمملكة الأردن وحين ركبنا في سيارة الأجرة تحدث السائق عن ظروفه الأسرية بالغة الصعوبة وكفاحه من أجل توفير لقمة العيش لأسرته وأبويه اللذين يعيشون معه في البيت نفسه وكان دوما يردد"الحمد لله على كل حال"، حين نزلنا من السيارة وصعدنا إلى غرفتنا في الفندق اكتشفنا أننا نسينا حقيبة اللابتوب في حقيبة سيارته، وفيها محفظة نقود في داخلها أكثر من ثلاثة آلاف ريال، تضايقنا كثيرا واستخلفنا الله في اللابتوب والنقود، في صباح اليوم التالي حين نزلنا لبهو الفندق وجدنا السائق نفسه في انتظارنا، وفي يده حقيبة اللابتوب وهو يقسم أيمانا مغلظة أنه لم ينتبه لوجودها إلا صباح اليوم حين فتح حقيبة سيارته بالمصادفة، كان المبلغ بالكامل موجودا ورفض السائق قبول " إكرامية" على أمانته وقال لنا بثقة: "الدنيا لساتها بخير يا زلمة".
وخزة
أرجوكم انشروا الأشياء الجميلة في الحياة "خلونا نحس أن الدنيا لساتها بخير".