Author

أدوات التعامل مع المديرين

|
قد يكون التعامل مع المدير المكون الرئيس للتعاملات اليومية للموظف في أماكن العمل، وربما تكون العلاقة مع المدير هي العلاقة الأهم له، نجاحها مطلب للنجاح وفشلها مسبب للفشل. وكما أن قائد الفريق شرط لتناغم الفريق، فإن المديرين هم أحد أهم أسباب استقالة الموظفين وتفكك الفرق. هناك كثير من المقالات والنصائح حول التعامل مع المدير السيئ والمدير الذي يحب الكذب والمدير الضعيف، ورغم أن الواقع قد يكون هكذا أحيانا إلا أنني أرى أن الجميع بحاجة إلى حقيبة من الأدوات التي له أن يستخدمها عند التعامل مع مديره قبل أن يكون له مدير، ويكون بها مستعدا لكل أنواع المديرين.
أول ما يجب أن تحتويه حقيبة التعامل مع المديرين هي الإمكانات التي تجعل الموظف في موطن القوة، وبذلك أعني التأسيس الأخلاقي والتفوق المهاري تحديدا. التعامل مع المدير عملية تفاوض مستمرة تعج بكثير من المستهدفات والحوافز والشروط، ضعف الموظف أخلاقيا (مثل التجاوزات الأخلاقية والسلوكية والانضباطية) أو ضعفه مهاريا (ما يجعله متأخرا في مستوى وحجم الأداء عن المتوقع) يجعله في موقع ضعيف في هذه العلاقة، وبالتي لا يمكن بناء كثير من الأشياء التي تتطلب العلاقة بناءها. لهذه الأسباب يجلس الموظف صاحب المهارة الفنية المختصة والمنضبط في الأداء في الجانب الأعلى من الطاولة. وهذا الأمر بقدر كبير من الأهمية، لأنه متطلب لحرية اختيار المدير ومتطلب لتحسين التعامل مع المدير أثناء العمل معه. معظمنا لا يختار المدير الذي يتعامل معه، لكن كلما زادت الإمكانات المهارية للموظف وتحسنت قيمته السوقية تمكن من اختيار الظروف التي تناسبه والمدير الذي يود العمل معه.
هناك كثير من حالات الامتعاض والحنق واليأس من المدير التي تكون في معادلة طرفها موظف ضعيف في تأهيله أو في إمكاناته. في هذه الحالة حتى لو كان المدير لا يمثل الحالة المثالية أو حتى المقبولة بشكل عادل للموظف، يظل الموظف الطرف الأضعف الذي لن يجد أدوات تمكنه من معالجة هذا الوضع. وفي هذه الحالات يجب على الموظف أن يحوز أدوات القوة والتمكين قبل أن يعالج وضع علاقته مع المدير. تحديدا، العمل في تحسين العلاقة قبل تحسين الذات مضيعة للوقت ولن يأتي بنتائج مختلفة ومقنعة.
الجانب الآخر والمهم جدا في التعامل مع المديرين يقوم على مستوى الإيجابية التي يستطيع الموظف أن يستخدمها في إدارة علاقاته مع مديره. والإيجابية هنا ليست كلمة فضفاضة وإنما مسألة مهمة ومحددة تقوم على عدة محاور. الأول، تجنب الافتراضات السلبية التي تدمر فرصة تحسين العلاقة. "مدير سيئ، كاذب، يحابي الغير، يهتم بمصلحته" تمثل هذه العبارات النظر إلى الجانب الفارغ من الكأس، حتى لو كانت صحيحة، وهي مثبطات رئيسة للدافع الذي يحتاج إليه الموظف لبناء العلاقة الجيدة مع مديره. المديرون أشخاص عاديون مثلنا، وفيهم من الأمور الجيدة والأمور التي لا نحبها كثيرا، والمبدأ البسيط الذي يخدم الموظف هنا هو التعامل مع الأشياء الجيدة بإيجابية والتعامل مع الأشياء السيئة بإيجابية كذلك. المحور الثاني الذي يعكس الإيجابية وهو أيضا بالأهمية ذاتها، استمرار المحاولة والصبر. إلغاء الرحلة من أول "مطب" يعني إلغاء الرحلة، لن تستمر أبدا بهذه الطريقة. هناك كثير من أصحاب المبادرات والأعمال الجيدة التي يصابون بالإحباط بشكل سريع، ربما بعضهم يبالغ في الحماس والمبادرة ويبالغ كذلك في التقوقع والاختفاء إذا لم يصفق له أحد. لن يصفق للموظف أحد عند أول محاولة، فالموظف ليس طفلا يتعلم المشي يراقبه أحباؤه طوال اليوم. كلا، من الطبيعي أن تجدهم يمررون المحاولة الأولى دون أي ملاحظة، وربما يقاومون المحاولة الثانية لأنها تهديد أو تغيير لا يحبذونه أو أمر غير مفهوم، لكن حظ المحاولة الثالثة والرابعة والخامسة دائما أفضل مما هو قبلها.
الجانب الثالث من حقيبة التعامل مع المدير تقوم على الأداء. من يرفع مستوى أدائه ثم يخفضه بناء على وضع مديره هو شخص يعمل لمديره فقط، بينما الطبيعي أن الموظف يعمل لنفسه أولا ثم لمكان عمله. وهذا يعني أن تحقيق الذات والرضا هما الدافع الأساسي للأداء وهذا يشمل التعلم والعطاء الذي لا يجب أن يتوقف بناء على وضع المدير أو علاقة الموظف به. لهذا لا بد من أن تستمر ملامح الأداء في التطور حتى لو لم تحظ بالتقدير المطلوب، ليس لمحاولة إقناع المدير بها فقط، لكن لأن الأداء محدد رئيس لمكانة الموظف في منظومة العمل، استمرار نجاحه من هذا المنظور ممكن لإدارة مديره وتحسين العلاقة معه.
الجزء الأخير من حقيبة الأدوات يحوي الأشياء الصغيرة التي يحتاج إليها الموظف وقد يستخدمها من وقت لآخر، قد تسمعها في نصيحة من صديق وقد تقرأها في مدونة نصائح وبعضها مسلمات معروفة في إدارة العلاقات. لن تنجح أي علاقة بالجمود أو تأدية المتطلبات بجفاف تمام، فالموظف ليس روبوتا منتجا. لا بد من إضفاء السمات الشخصية والاستفادة من المهارات الاجتماعية. فهم منظور الآخرين واستكشاف دوافع المدير الشخصية وفهم شخصيته وتعلم بعض مهارات الذكاء العاطفي والاندماج بشكل فعال مع التعرف على مهارة وضع الحدود وإلزام الآخرين بها عند الاحتياج، تطول القائمة وللموظف تقديم ما يستحق التقديم من الأدوات الأخرى التي يحتاج إليها للتعامل مع مديريه.
إنشرها