Author

الاستثمار في الصناعات العسكرية

|
مستشار اقتصادي
ذكر عن المهندس أحمد العوهلي محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية، أن المملكة ستستثمر عشرة مليارات دولار في الصناعات العسكرية، وعشرة أخرى في الأبحاث والتطوير على مدى الأعوام العشرة المقبلة. لا أعرف التفاصيل أو الأولويات، لكن الموضوع من الأهمية كيفا وكما يستحق التركيز، خاصة أن نسبة الاستثمارات إلى حجم الدخل القومي الإجمالي تاريخيا ليست عالية حتى بدأت برامج "الرؤية" في تغيير المعادلة. أتذكر سلسلة مقالات قديمة نشرت في "الواشنطن بوست" تقارن بين التصنيع العسكري بين دول متعددة. هناك عدة أبعاد رئيسة لتعظيم المصلحة الوطنية.
الأول يأتي في سلم الزمن في توازن بين العاجل وضرورات البناء التصاعدي التدريجي، استيراد السلاح عملية تجارية وسياسية خاصة كلما ارتقى مستوى الكفاءة، ولذلك هناك حاجة إلى التسريع من ناحية، لكن أيضا التسريع غالبا يأتي على حساب إعداد قاعدة صناعية قوية، خاصة أن حيوية ومرونة سلسلة الإمداد عنصر أساس في الصناعة مدنية أو عسكرية. الثاني، كما يأتي في الخبر أن القطاع العام سيقود هذه الجهود ودونه لن تقوم، ولن تصبح عميقة ومستدامة دون علاقة صحية بين القطاع العام ودور محوري للقطاع الخاص، خاصة أن الجزيئات متعددة ودقيقة ومتداخلة مع الصناعات المدنية مثل تنقية المعادن والإلكترونيات والصناعات التحويلية الكيماوية. ثالثا، البعد المؤسساتي يصعب النجاح دون منافسة بين الشركات الوطنية ومع الخارج، إذ إن صناعة دون القدرة على التصدير كهدف أخير لن تستمر طويلا. لكن أيضا المبالغة في الرقابة والحذر البيروقراطي في خطف التقنيات تعوق التقدم، ربما هناك حاجة إلى تأطير علاقة سريعة مع وزارة الصناعة وهيئة المحتوى والمشتريات لأن التقدم أهم من المراجعات البيروقراطية، كذلك لا بد من تقليل أعضاء اللجان غير المتفرغة، إذ إن هذه غالبا غير متوازنة بين الجهد/ والوقت من ناحية والدور التخصصي الفاعل من ناحية أخرى، وكذلك يصعب مساءلة لجان غير متفرغة. رابعا، عدم المبالغة في الصناعات الثقيلة على الأقل في الأعوام العشرة الأولى لما تتسم به من ضخامة حجم المال المستثمر، وقلة المرونة وخديعة القفز حول الصناعات الوسطى وعدم القدرة مرحليا على مجاراة من سبقنا. خامسا، ليس هناك أفضل من المثال الناجح لبناء الثقة ورص الصفوف والتنافسية. لا أجد أكثر ضرورة من صناعات "الدرون" والصواريخ. سبق للمملكة تحقيق نجاحات معتبرة في صناعة الأقمار الاصطناعية، ولذلك لسنا دون إنجاز مع ما سبقها من محاولات، خاصة أن هذه تكاملية مع ما ذكرت من الصناعات. سادسا، لن تكون حسابات الربح والخسارة حسابيا هي الفيصل في قرارات توطين صناعة الأسلحة، لكن دون بوصلة تجارية ومنافسة لن نستطيع التمييز بين الأفراد والشركات المتميزة، ما يضر الصناعة في المديين المتوسط والبعيد. السيطرة على هذه الأبعاد لقيادة الاستثمار في الصناعات العسكرية كفيل لبناء جزيرة نواة لصناعة السلاح كافية لتصبح مشعلا للتنمية والاقتصاد الوطني. تذكرنا أدبيات اقتصادات التنمية أنه لا بد أن تقود الصناعة بغرض التصدير، لأنها تجبر المجتمع على اختزال وقياس قدراته التنظيمية والمعرفية للمنافسة عالميا. اعتياديا المقصود المصنوعات المدنية، لكن الاتجاه واحد خاصة في الظرف الراهن. لذلك أجد ما تقوم به الهيئة خطوة في الاتجاه الصحيح وتحقيق أهداف "الرؤية" والتقدم.
إنشرها