السعودية تعود لأسواق الدين المحلية .. إصدار بقيمة 3.1 مليار ريال وعوائد تصل إلى 2.54 %
السعودية تعود لأسواق الدين المحلية .. إصدار بقيمة 3.1 مليار ريال وعوائد تصل إلى 2.54 %
عادت السعودية إلى أسواق الدين المحلية خلال فبراير الجاري بأكبر إصدار شهري لها منذ ثمانية أشهر، وذلك مع الطرح المزدوج لأوراق مالية حكومية.
واستقبلت السعودية طلبا قويا من قبل المستثمرين خلال مزاد لبيع شريحتين من الصكوك الادخارية، في إطار تراجع العوائد على أدوات الدين المقومة بالعملات المحلية في جميع أنحاء العالم مع اتجاه البنوك المركزية لخفض معدل الفائدة وتطبيق تحفيزات نقدية غير مسبوقة للحد من تداعيات فيروس كورونا الاقتصادية.
وعلمت "الاقتصادية"، أن المستثمرين اشتروا خلال المزاد جميع وحدات الصكوك المطروحة لأجل سبعة أعوام، وكذلك استحقاق 12 عاما (كلاهما إعادة فتح لإصدارات سابقة)، في علامة على حرص مستثمري أدوات الدخل الثابت للحصول على جزء من تلك الأوراق المالية ذات الجدارة الائتمانية العالية.
وتم تحديد حجم الإصدار الشهري لشهر فبراير عند 3.1 مليار ريال، وتم توزيعه على شريحتين، بحيث تم تخصيص 1.9 مليار ريال للصكوك السبعية (التي يحين أجل استحقاقها في 2028) و1.2 مليار ريال للصكوك ذات أجل 12 عاما، التي يحين أجل استحقاقها في 2033.
وأظهرت وثيقة رسمية حصلت عليها "الاقتصادية"، أن الرياض أصدرت صكوكا ثنائية الشريحة متوسطة وطويلة الأجل، وراوحت عوائدها بين 1.91 في المائة إلى 2.54 في المائة.
وفي الإطار ذاته، خلص رصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية" إلى عدم وجود علاوة سعرية على الصكوك الادخارية، التي تستحق في 2028 و2033 تباعا، بل إن "العائد النهائي" للشريحتين جاء أقل من التوقعات الأولية للمتعاملين بأسواق الدين، وذلك قبل صدور نطاق معدلات العائد الربحي، بنسبة راوحت بين 5.5 في المائة إلى 7.7 في المائة.
ويعد هذا الأمر إيجابيا لخزانة الدولة ومتوائما مع مقومات العوائد الحالية لإصدارات العملات المحلية بالأسواق الناشئة في ظل بيئة الفائدة المتدنية، مع العلم أن المستثمرين المحليين حصلوا على توزيعات دورية سخية مع الإصدارات الحكومية، التي تمت في 2018 بسبب ظروف السوق حينها.
وساهم إدراج أدوات الدين في العام ذاته 2018 في بناء منحنى عائد نشط للإصدارات المحلية، الأمر الذي يمكن جهة الإصدار من تحديد القيمة العادلة لتسعير الأوراق المالية المراد طرحها أمام المستثمرين.
وعن أنشطة الاستدانة الخارجية والمحلية للمصدرين السعوديين، نقلت منصة "ريد" REDD، المتخصصة بالتحليلات المتعمقة عن أدوات الدخل الثابت بالأسواق الناشئة، عن مصادر مصرفية لم تسمها توجه خمس جهات إصدار سعودية في القطاع العقاري والمصرفي نحو النظر في طرح أدوات دين دولارية أو بالريال، خلال الفترة القليلة المقبلة من هذا العام، كما شرعت شركة عقارية كبرى في فتح دفاترها الأسبوع الماضي تمهيدا لطرح صكوك بالعملة المحلية طرحا خاصا.
ومعلوم أن منصة "ريد"، التي تتخذ من نيويورك وسنغافورة مقرا لها، متخصصة في متابعة أخبار جهات الإصدار المتعسرة والمثقلة بالديون مع إحاطة المستثمرين مسبقا بالمخاطر المحتملة قبل وقوعها.
عوائد الإصدار
وتوزع إصدار شهر فبراير، الذي تجري تسويته الخميس، على شريحتين متساويتين وبواقع عائد حتى تاريخ الاستحقاق للصكوك ذات أجل سبعة أعوام عند 1.91 في المائة، وذلك وفقا لسعر الإصدار بالسوق الثانوية عند 1005 ريالات.
في حين بلغ العائد حتى تاريخ الاستحقاق للصكوك ذات أجل 12 عاما عند 2.54 في المائة، وذلك وفقا لسعرها المتداول بالبورصة المحلية، الذي وصل إبان الطرح عند 1002 ريال.
والإصدارات، التي تم إعادة فتحها هذا الشهر أصدرت للمرة الأولى في يناير 2021 للصكوك السبعية والـ 12 عاما، وذلك وفقا لمنصة "سي بوندز" Cbonds للبيانات المالية.
لا تأثير في الأسعار
ولم يحدث تغير يذكر لأسعار الصكوك الحكومية المدرجة إبان فترة المزاد، حيث حصل تغير طفيف على سعر الصكوك، التي يحين أجلها في 2031 (عائد 4.1 في المائة ) التي كانت تتداول خلال فترة الطرح عند 1113 ريالا، وفقا لبيانات "بوند إي فاليو" المالية الخاصة بتتبع أسعار أدوات الدخل الثابت.
في حين حافظت الصكوك العشرية التي يحين أجلها في 2029 عند مستوياتها السعرية قبل الطرح الشهري، وذلك بعد استقرارها عند مستويات 1127 ريالا.
واستند رصد وحدة التقارير الاقتصادية إلى بيانات bondevalue، التي تقدم للمستثمرين ميزة الكشف عن عروض البيع والشراء للسندات، التي في محافظهم من أجل التحكم بالقرار الإستثماري الخاص بالورقة المالية.
المزاد الهولندي
ومنذ يوليو 2018 تم استخدام منهجية المزاد، التي يرى صندوق النقد أنها ستضفي درجة من المرونة على آليات تسعير الإصدارات المحلية الجديدة.
وشهد إصدار يوليو 2018 (الإصدار السابع) تطبيق تلك المنهجية لأول مرة مع أدوات الدين في المملكة، حيث تستخدم السعودية "المزاد الهولندي"، وهو نفس المزاد، الذي تستعمله الخزانة الأمريكية عندما تبيع سنداتها.
وبالاستعانة بأحد منتجات "بلومبيرج" الخاصة بالمزاد، تم منح المتعاملين الأوليين "سعر سقف محددا" لا يستطيعون التسعير فوقه price cap، بحيث يكون التسعير النهائي على مستوى سقف التسعير نفسه أو دونه، وتم الطلب من المتعاملين الأوليين أن يقدموا طلبات الاكتتاب الخاصة بهم، وكذلك الخاصة بعملائهم.
وآلية المزاد هذه تختلف عن المنهجية التسعيرية، التي كانت تستخدم في السابق وتدور حول تحديد نطاق تسعيري معين (أي حد أعلى وحد متوسط وآخر أدنى) والطلب منهم التسعير بين هذا النطاق ثم يتم تحديد السعر النهائي من قبل جهة الإصدار.
منحنى العائد
ويعرف منحنى العائد بأنه خط يحدد الفائدة على أدوات الدين في وقت بعينه تمتلك فيه جهة الإصدار جدارة ائتمانية متوازنة، لكنها متباينة من حيث الاستحقاق، حيث يكون هناك على سبيل المثال فارق فائدة بين الصكوك والسندات لأجل خمسة أعوام ولأجل 30 عاما.
ويتخذ منحنى العائد عادة اتجاها صعوديا، وهو المنحنى الطبيعي، لكن عندما ينقلب يكون العائد على السندات الأقصر أجلا أعلى من العائد على نظيراتها الأطول أجلا.
وتحظى السعودية بمنحنى عائد طبيعي، سواء مع إصداراتها المقومة بالعملة المحلية أو الصعبة، ونجحت منذ 2019 في تمديد آجال استحقاقات الصكوك في السوق المحلية عبر إصدارات جديدة تشمل 12 و15 و30 سنةعاما، وذلك لاستكمال منحنى العائد خالي المخاطر، ما يسهم في دعم مختلف الأسواق شاملة أسواق الدين العقارية.
والأمر نفسه كررته في 2020 عندما شهد إصدارها الدولاري استحقاقات بأجل سبعة أعوام، و12 عاما ولأول مرة شريحة 35 عاما، التي أتت جميعها خلال فترات استحقاق متباعدة، مساهمة في الوقت نفسه بإطالة أجل تلك الاستحقاقات، وفقا لسياسة إدارة الدين العام للدولة.
ويستعين العاملون بأسواق الدخل الثابت بمقياس "العائد حتى تاريخ الاستحقاق"، وذلك من أجل حساب العائد المستقبلي لأداة الدين، وذلك في حال الاحتفاظ بها إلى أن يحين أجل إطفائها.
ويحدد هذا المقياس مدى جدوى الاستثمار من عدمه، ويكثر استخدام هذا المؤشر بين المستثمرين من أجل إجراء مقارنات بين العوائد السنوية لأدوات الدين، وذلك بغض النظر عن آجال استحقاقاتها.
مشاركة الأفراد
ومن المنتظر أن يدعم إصدار الشهر الحالي مخزون الصكوك الادخارية المتوافرة لاستثمارات الأفراد بالسوق الثانوية.
وجاء قرار تفعيل تخفيض القيمة الاسمية للصكوك الحكومية المدرجة لتكون في متناول الأفراد، وذلك بدءا من يونيو 2019 ليعني أن السعودية فتحت المجال أمام مواطنيها للمشاركة بدعم المشاريع التنموية بالبلاد، في خطوة تقدمية تتماشى مع كثير من الدول حول العالم، التي تتبع هذا النهج.
وساهمت الإصلاحات الاقتصادية، التي عمت أسواق الدخل الثابت في المملكة في جعل مسألة استثمار الأفراد بالصكوك أمرا ممكنا بعد تخفيض القيمة الاسمية للصك إلى ألف ريال، مقارنة سابقا بمليون ريال.
تطوير يؤتي ثماره
وكانت وكالة التصنيف الائتماني "موديز" قد ذكرت في تقرير لها خلال الربع الثالث من 2020، أن استثمار السعودية في تطوير سوق الصكوك والسندات الحكومية المحلية، يؤتي ثماره مع مضاعفة احتياجات التمويل، واصفة سوق الصكوك السعودية بالعميقة وجيدة الأداء.
وأوضحت الوكالة في تقرير لها أنه على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، طورت الحكومة السعودية من الصفر سوق صكوك وسندات محلية أعمق، وتعمل بشكل جيد على نحو متزايد، ما سمح لها بالاستفادة من الطلب المحلي والدولي المتزايد على أصول الدخل الثابت المتوافق مع الشريعة الإسلامية.
ولتسهيل الإصدار المحلي في إطار البرنامج ولزيادة تحسين سيولة سوق الصكوك، أنشأت الحكومة في تموز (يوليو) 2018 برنامجا للمتداول الأساسي للصكوك الحكومية المحلية.
وعلاوة على ذلك، في نيسان (أبريل) 2019، خفضت الحكومة الحد الأدنى لحجم الاكتتاب إلى 1000 ريال (267 دولارا) من مليون ريال (266666 دولارا) لتسهيل مشاركة الأفراد والسماح للصناديق المشتركة بإنشاء صناديق صكوك حكومية مخصصة.
وفي آب (أغسطس) 2020، وافقت هيئة أسواق المال على قرار يسمح لغير المقيمين بالاستثمار مباشرة في أدوات الصكوك المحلية المدرجة وغير المدرجة، الذي- بمرور الوقت- سيعمل على تحسين سيولة السوق الثانوية من خلال دعم التوسع التدريجي لقاعدة المستثمرين في السعودية، خاصة عندما يصبح من الممكن أيضا تسوية المعاملات في الصكوك المحلية من خلال أحد أهم مودعي الأوراق المالية المركزيين الدوليين.
وبحسب وثيقة حصلت عليها "الاقتصادية"، فإن السعودية تنوي تمويل عجز 2021 عبر الاعتماد بنسبة 87.9 في المائة (تعادل 124 مليار ريال)على ثلاث قنوات للتمويل تشمل السندات والصكوك والتمويل الحكومي البديل.
وأظهر رصد وحدة التقارير الاقتصادية، الصعود البارز هذا العام لأحد أعمدة التمويل القادمة لحكومة المملكة والمتمثلة بـ"التمويل الحكومي البديل". لتصبح تلك الأداة المالية الحديثة إحدى الأدوات الرئيسة لتعبئة الموارد الخاصة بجمع التمويل ذي الصبغة التنموية.
ويشتمل التمويل الحكومي البديل على ثلاث أدوات تمويلية وهي تمويل المشاريع، وتمويل البنى التحتية، ووكالة ائتمان الصادرات.
وعلمت "الاقتصادية" أن خطة الاقتراض السنوية التي أعدها المركز الوطني لإدارة الدين بالنيابة عن وزارة المالية، تطرقت لأبرز ملامح الخطة السنوية للاقتراض وصافي احتياجات الحكومة من التمويل المتعلق في العام المالي 2021.
ووفقا لميزانية السعودية لعام 2021، تقدر متطلبات التمويل للعام الحالي بمقدار 141 مليار ريال.
وعليه تخطط وزارة المالية على تمويل هذا العجز بمزيج من التمويل بمقدار 124 مليار ريال الذي يتضمن الحفاظ على تنويع مصادر التمويل المحلي والدولي في 2021 مماثلة بشكل كبير لعام 2020، مع العلم أن قنوات التمويل ستكون موزعة على إصدار السندات والصكوك والتمويل الحكومي البديل.
وأشارت خطة الاقتراض السنوية إلى أنه سيتم تمويل العجز المتوقع المتبقي من خلال الاحتياطيات الحكومية.
وعن استراتيجية الاقتراض الخارجي للسعودية لهذا العام، تتمحور حول التمكين من اقتراض معظم احتياجاتها التمويلية خلال النصف الأول حسب أوضاع السوق، وذلك لخفض مخاطر التمويل وإتاحة المجال للجهات الحكومية والقطاع العام لاختيار الوقت المناسب لإصداراتهم الخارجية خلال العام.
وحدة التقارير الاقتصادية