طرق حماية المحفظة في الأسهم الأمريكية (2 من 2)
طرق حماية المحفظة في الأسهم الأمريكية (2 من 2)
تحدثنا الأسبوع الماضي عن طرق حماية محفظة الأسهم في الأسواق الأمريكية، وذكرنا أن ذلك ضروري لمن يرغب في الاستثمار في الأسواق الأمريكية، ويخشى من هبوط حاد في الأسعار، أو ربما حتى انهيار كامل كما حصل في فترات قليلة سابقة. والهدف من التحوط وحماية المحفظة لا يعني بالضرورة أن الشخص لديه نظرة سلبية تجاه الأسهم الأمريكية، بل إن ذلك من ضروريات إدارة الاستثمار في الأسهم، التي تمارس من قبل كبار المستثمرين بشكل عام.
في الأسبوع الماضي تطرقنا لثلاثة حلول مبدأية: (1) تسييل المحفظة (2) ممارسة طرق تداول متقدمة و(3) تنويع المحفظة والاستثمار في قطاعات انتقائية، ولكن هناك طرقا متقدمة أفضل من ذلك، وهي تتم باستخدام عقود الخيارات والعقود المستقبلية.
الخيار الرابع: تأمين ضد الهبوط من خلال عقود خيارات
عقود الخيارات تستخدم لعدة أهداف، أحدها للحماية أو التحوط، وتتم من خلال التعامل بعقود الشراء وعقود البيع، ولتبسيط الفكرة والشرح، نفترض أن شخصا يستثمر في أسهم التكنولوجيا، وذلك بسبب النمو الكبير الملاحظ على هذه الأسهم، فيكون أمامه خياران رئيسان: (1) تكوين محفظة أسهم متنوعة من شركات التكنولوجيا، مثل "مايكروسوفت" و"جوجل" و"فيسبوك" وغيرها من الشركات المشهورة أو تلك الأقل شهرة، أو(2) شراء أسهم أكبر وأهم 100 شركة تكنولوجيا من خلال شراء سهم واحد فقط، وهو لصندوق متداول يحتوي على أسهم هذه المائة شركة، وسهمه يعرف بالرمز QQQ.
قرر هذا الشخص شراء 1000 سهم من QQQ، بتكلفة 336 ألف دولار، ونفترض أن تكلفة العمولة تكاد لا تذكر، وهي فعليا تصل إلى صفر دولار لدى بعض الوسطاء. وهذا المبلغ يعادل نحو مليون وربع المليون ريال، لذا يرى الشخص أن عليه التحوط، خوفا من خسارة جزء كبير من رأسماله، فماذا عليه أن يفعل؟
الحماية البسيطة
الطريقة البسيطة تتم بشراء عقود بيع، وهي بمنزلة طريقة للتأمين على المحفظة، بحيث أن أي انخفاض في قيمة الأسهم يتم تعويضه من خلال ارتفاع قيمة العقود.
في مثال خطة الحماية البسيطة، الشخص استثمر مبلغ 336 ألف دولار ومن ثم قام بشراء عقود بتكلفة 15,600 دولار، فأصبحت التكلفة الكلية للاستثمار 351,600 دولار. وهذه العقود تقدم حماية للمحفظة حتى شهر سبتمبر 2021، أي أنها تعمل كبوليصة تأمين لمدة نحو ستة أشهر. وهذا الشخص اختار سعر التنفيذ عند 300 دولار، أي أنه يريد ضمان عدم انخفاض قيمة المحفظة لما دون 300 ألف دولار.
نتيجة هذه الخطة أن أقصى خسارة يمكن تحدث لمحفظة الشخص من الآن حتى سبتمبر هي مبلغ 51,600 دولار، أي نسبة نزول بمقدار 14.68 في المائة. وفي المقابل هذه الطريقة تجعل مجال الارتفاع مفتوحا، بحيث يحقق الشخص أرباحه حسب صعود أسهم التكنولوجيا، ممثلة في شركات ناسداك 100.
الحماية بتكلفة أقل
في خطة الحماية بتكلفة أقل، يقوم الشخص بالعملية نفسها، حيث يقوم بشراء عقود البيع، ولكنه يقوم بعمل أمر آخر يدر عليه بعض المال ليخفف من تكلفة العقود التي اشتراها، وهو قيامه ببيع عقود، بحكم أنه يملك أسهم ناسداك 100، فيستطيع بيع هذه العقود، كذلك لشهر سبتمبر، ويحقق "كاش فوري" بمقدار 4750 دولار.
طريقة بيع عقود لتمويل تكلفة شراء عقود طريقة جيدة، ولكنها تعتمد على تكلفة عقود الخيار، حيث نجد هذه الأيام أن عقود البيع عالية السعر، وهذا بسبب إقبال كثير من الناس على التحوط من خلال هذه العقود. وفي مثالنا هذا، العائد من بيع عقود الشراء لسعر 400 نقطة كان قليلا، فقط 4750 دولارا، ولكن يمكن للشخص اختيار أسعار تنفيذ أعلى أو أقل من 400 نقطة، لتحقيق عائد مختلف وتخفيف تكلفة شراء عقود البيع.
المحصلة النهائية في خطة الحماية بتكلفة أقل هي أن أقصى خسارة ممكنة هي خسارة بنسبة 13.51 في المائة، وهي أقل بقليل من الخطة الأولى، ولكن هنا إمكانية الربح ستكون محدودة بنسبة 15.32 في المائة. هذه الطريقة تناسب الشخص، الذي لديه استعداد لتحمل خسارة بحد أقصى 13.51 في المائة وربح بحد أقصى 15.32 في المائة لمدة نحو ستة أشهر.
الخيار الخامس: بيع عدد مناسب من العقود المستقبلية
الطريقة الأخيرة تتم من خلال العقود المستقبلية، والتي ظهر منها نوع جديد قبل عامين وهي عقود ناسداك الصغيرة، وهي عبارة عن وسيلة جديدة للتعامل بعقود ناسداك المستقبلية، ولكن بتكلفة أقل بكثير من العقود الكبيرة والمعروفة سابقاً. والتكلفة الأقل هنا مصدرها أن مبلغ الضمان المطلوب لفتح هذه العقود يعادل واحدا على عشرة من تكلفة العقود التقليدية، وبذلك فهو مناسب لصغار المستثمرين.
لتسهيل الشرح، نفترض هنا أن الشخص لم يستثمر في أسهم QQQ، بل لديه محفظة بها عدد كبير من أسهم التكنولوجيا، وبذلك فهو لا يستطيع الخروج والدخول بسهولة، فيقرر الاستفادة من العقود المستقبلية لعمل حماية للمحفظة. من المهم جدا أن نعرف أن هدف هذا الشخص ليس لتحقيق الربح المصحوب بمخاطرة عالية، بل إن هدفه عدم تسييل المحفظة، والاستمرار في الحصول على الأرباح الموزعة، وتجنب دفع ضرائب الأرباح الرأسمالية، إذا كانت تنطبق عليه.
هذا الشخص قرر بيع 12 عقدا من عقود ناسداك المستقبلية، فأودع مبلغ 19,200 دولار كضمان، والمحصلة النهائية أنه خلال الأشهر الستة المقبلة لن تتغير قيمة محفظته إلا بمقدار قليل، والسبب أن انخفاض قيمة المحفظة يتم تعويضه بارتفاع قيمة العقود، وفي المقابل، ارتفاع قيمة المحفظة يقابله انخفاض في قيمة العقود، بحيث تكون النتيجة تقريبا صفرا.
طبعا هناك تفاصيل كثيرة لم نأت إلى ذكرها، وهي تتعلق بمدى مناسبة هذه العقود المستقبلية لطبيعة المحفظة ومكوناتها، بمعنى أننا نفترض أن محفظة الشخص تتحرك بشكل مقارب لتحرك مؤشر ناسداك 100، وهذا قد لا يكون دائما صحيحا، لذا ينظر إلى مؤشرات فنية معينة تقارن حركة المحفظة بحركة المؤشر ومن ثم يتم بيع عدد معين من العقود يتناسب مع حجم المحفظة وحركاتها.
خاتمة
تجدر الإشارة إلى أن عقود الخيارات، وكذلك العقود المستقبلية تستخدم كذلك بهدف المضاربة، وتنفيذ عدد كبير ومتطور من الاستراتيجيات، التي تستخدم بهدف تحقيق أرباح كبيرة جدا، مع القبول باحتمالية تحقيق خسائر كبيرة جدا، وربما نتطرق لها في المستقبل.
في هذا التحليل من جزأين تطرقنا لأساليب حماية محفظة شخص يتعامل بالأسهم الأمريكية، من خلال عدة طرق بدءا بتسييل المحفظة، والتعامل بأوامر وقف الخسارة وتنويع المحفظة، ومن ثم تكلمنا عن التحوط من خلال عقود الخيارات والعقود المستقبلية.