الدبلوماسية الرقمية

أصبح عالم اليوم تقنيا بامتياز ويوصف مستقبل الغد في تنبؤات المبتكرين بأنه عالم حاسوبي. وهذا بالتأكيد له تأثير كبير في جميع المجالات ويأتي على رأسها الممارسات الدبلوماسية في بناء وصيانة العلاقات الدولية.
بعد مرور عام على جائحة كورونا بمنع السفر واللقاءات، برزت الدبلوماسية الرقمية على أرض الواقع مطلبا لا ترفا أمام الدبلوماسية التقليدية. فالدبلوماسية الرقمية امتداد جديد لمفاهيم القوة الناعمة والدبلوماسية العامة، لأنها تمارس الغاية نفسها بأدوات مختلفة معتمدة على تكنولوجيا المعلومات والاتصال. فالدبلوماسية الرقمية فرضت أنماطا جديدة على الدبلوماسية لتشمل تعامل الحكومة مع الناس والناس مع الحكومة، وهذا يختلف عن الدبلوماسية التقليدية التي تنحصر على التعامل الرسمي بين الحكومات.
ظهور شخصيات دبلوماسية على مواقع التواصل أمر رائع ويسهم في تمرير الرسائل بطريقة مختلفة وفي زمن قصير، بل يعتمد عليه اعتماد كلي في بعض القضايا. إلا أنها في المقابل تحمل في طياتها تحديات مقلقة لممارسي الدبلوماسية الرقمية. ولعلى أهمها صعوبة الفصل بين ما هو شخصي وما هو مهني. وهذا بحد ذاته يزيد وتيرة التهكمية على منصات التواصل الدبلوماسي الرقمية. وربما تتأثر الدقة والمصداقية لدى المتلقي.
في عام 1850 كانت ردة فعل رئيس وزراء بريطانيا اللورد بالميرستون، عندما وضعت أول برقية على طاولته، "يا إلهي، هذه هي نهاية الدبلوماسية!". فالتغير السريع يتطلب التأقلم والتعامل بأدواته نفسه. وهذا يقودنا إلى أهمية تزويد الدبلوماسيين الذين يستخدمون منصات التواصل الاجتماعي بمجموعة جديدة من المهارات والمعارف والاتجاهات الرقمية بطريقة مهنية وآمنة.
بالمختصر رغم حساسية الدبلوماسية الرقمية، إلا أنها أصبحت واقعا معاشا ومفروضا على جميع الدول، ومن لا يتجاوب مع الثورة الرقمية بحذر لن تساعده الأساليب الكلاسيكية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي