الزعولة

التغييرات التي نرغب في حدوثها في حياتنا لن تحدث من تلقاء نفسها، بل ستحدث حين ندرك أنه علينا مضاعفة كثير من الجهد والإصرار والرغبة الحقيقية في التغيير. حين تتلقى لكمات الحياة فستدرك أن الأمنيات التي تتحقق حين تمسح مصباح علاء الدين، هي مجرد أساطير شعبية تحكيها الأمهات لأطفالهن "ليغطوا في النوم"، لذلك كن على يقين أن أصعب رحلة ستقطعها في حياتك هي رحلة التغيير ومحاولة إيجاد ذاتك الحقيقية.
رسالة ملهمة وصلتني من شابة أهدرت أعواما عديدة من حياتها وهي تهرب من مواجهة حقيقة شخصيتها المتعبة قبل أن تنجح أخيرا. تقول في رسالتها عشت في منزل يفتقد أدنى درجات الاحترام والتعاطف بين أفراده، كان والدي صارما جدا في تعامله معنا لم يضمنا يوما إلى حضنه ولم يشعرنا إطلاقا برحمته وحنانه، أما والدتي فقد كانت دوما "ضائق صدرها" وتبكي عند كل لوم وانتقاد يوجهه أبي إليها. لم نكن كإخوة وأخوات سواسية في نظر والدينا، بل كانت هناك تفرقة كبيرة في التعامل والأفضلية بيننا، وكنت أنا الأقل حظا والأقل اهتماما، ما كان له أثر كبير في شخصيتي فأصبحت حساسة جدا أتأثر من كل كلمة وموقف وانتقاد. كبرت بهذه الشخصية فائقة الحساسية وعانيت معاناة شديدة، حيث لا يكاد يمر يوم دون أن "أزعل". دخلت الجامعة وتعرضت لكثير من المواقف المختلفة واشتهرت بين زميلاتي بلقب "الزعولة". تبريرات من حولي لمواقفهم أصبحت تثقل عليهم ففضلوا الابتعاد عني. تخرجت وتوظفت وما زلت بالشخصية نفسها كنت "أتحسس" من كل ملاحظة أو نقد بناء وأعده انتقاصا بحقي وتقليلا من شأني. تزوجت وأنجبت طفلين وعشت مشكلات كبرى مع زوجي الذي لم يعد يتحمل كثرة تبريراته لي وتفسيره لمواقفه التي تشعرني بالحساسية، حتى أهله لم يعد يرغب في زيارتي لهم بسبب شخصيتي الحساسة، كنت "أزعل" في المناسبات والأعياد وجمعات العائلة و"أتحسس" من التعليقات والمواقف!
الحقيقة التي لاحت في عقلي يوما مثل ومضة برق هي أني أنا التي يجب أن أتغير لا من يحيطون بي. أدركت أن كوني "زعولة وحساسة" فتلك مشكلتي لا مشكلة الآخرين، وأدركت أن الحياة ليست أمي التي "تطبطب" علي حين "أزعل"، لم يكن الأمر سهلا لكني نجحت من التخلص من شخصية "الزعولة"!
وخزة
إذا كنت "زعولا أو زعولة" ابدأ في التغيير منذ الآن فالناس بالكاد في هذا الزمن تتحمل نفسها!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي