Author

معارك الصين الثلاث وتجديد الأمة الصينية

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

الحقيقة: إن العالم يمر بحقبة عصيبة جمعت بين الأداء الاقتصادي الهش أصلا لما قبل جائحة كوفيد - 19، في حين أن متوسط نمو الناتج المحلي العالمي لعام 2019 لم يتجاوز 2.9 في المائة، أما بعد دخول جائحة كورونا عام 2020 تدهورت الاقتصادات وسجل متوسط نمو الناتج المحلي العالمي نسبة سالبة تقدر بـ - 4.4 في المائة وسجلت الدول المتقدمة جميعها نموا سالبا وكذلك الأسواق الصاعدة والنامية الرئيسة باستثناء الصين، فما سر ذلك النجاح؟
يعزى نجاح الصين الشمولي رغم تلك الظروف الاقتصادية والصحية المعقدة بحسب ما يقوله صناع السياسات الصينية إلى أنهم حققوا إنجازات في المعارك الثلاث الرئيسة: 1 - الابتكار العلمي والتكنولوجي. 2 - تحقيق اختراقات Breakthrough مهمة في الإصلاح والانفتاح. 3 - حماية معيشة الناس بشكل فعال، وتأتي كل تلك النجاحات ضمن الخطة الخمسية الـ 13.
إن الأمر الذي جعل الصين تنجح في التقنية، هو أن صناع السياسات الاقتصادية ألزموا أنفسهم بفسح المجال كاملا للدولة للقيام بدور منظم رئيس للابتكار العلمي والتكنولوجي ودعم الشركات الرائدة، لتشكيل مراكز اتحادات ابتكارية وتوجيه موظفي البحث العلمي للتركيز وتحسين قوة البحث العلمي وتعزيز التنمية المدعومة بالابتكار.
أما معركة الإصلاح والانفتاح فالبداية كانت من إصلاح جميع المؤسسات التي تملكها الدولة الصينية وتطوير نظام الشركات الحديثة وحوكمة الشركات القائمة وتحسين جودة الشركات المدرجة مع إصلاحات واسعة على مستوى الاقتصاد الكلي والانفتاح على الأسواق العالمية، وإعادة إصلاح وتنظيم الاستثمارات الرأسمالية المملوكة للدولة والشركات.
ويتطلب التصدي لكل قضايا الشعب الصيني المباشرة سياسات تحسن من المعيشة، ولا سيما أن عدد الشعب بلغ 1.4 مليار نسمة، لذا كانت حماية معيشة الناس ضمن المعارك الأكثر صعوبة ولذلك تم تطبيق سياسة تنمية الريف بشكل شمولي ومشاركة رأس المال الاجتماعي وتعويض جوانب قصور المعيشة من خلال تطوير بنية تحتية تلامس المعيشة وتعزيز مكافحة الاحتكار ومنع التوسع غير المنضبط لرأس المال وحماية حقوق المستهلكين وتعزيز القدرات الإشرافية والاستمرار في زيادة حيوية كيانات السوق للشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر والأسر الصناعية والتجارية الفردية والاستفادة من إمكانات السوق المحلية وتوسيع الاستهلاك والاستثمار الفعال عن طريق رفع متوسط معيشة الناس العامة.
يمكننا القول: إن الصين بنت اقتصادها على أسس الاقتصاد الحقيقي أكثر من الأسس المالية المعمول بها في النموذج الاقتصادي الغربي، وذلك من خلال قيام الدولة بقيادة الاقتصاد عبر شركاتها الحكومية وشركات القطاع الخاص الصيني وشركات الاستثمار الأجنبي، لكن بدرجات أقل، وفي الوقت نفسه جددت القيادة الصينية الأمة الصينية من خلال التعليم ومحاربة الفساد وبناء فكر تنموي مرتكز على الناس ليساعدوا أنفسهم، وأخيرا منعت أي فوائض مالية قد تدمر الغايات التنموية لمعيشة الناس، فمثلا إذا تعارضت التنمية مع التجارة تقدمت التنمية على التجارة.
إنشرها