التعامل مع كبار السن
مع تسارع التقنية في الأعوام الأخيرة ومع البعد عن الحياة البسيطة ومجتمع القرية التي كان يعيشها الآباء والأجداد، وجد كبار السن أنفسهم في وضع لا يحسدون عليه، فلا اجتماعات مبسطة فيما بينهم كما كان يتم سابقا ولا أبناء شهود، حيث انشغلوا بسبب ساعات العمل الطويلة وتسارع وتيرة الحياة، وما يزيد الطين بلة ظهور مظاهر الضعف التي لا مفر منها والمصاحبة لتقدم العمر، "الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة..". ومن هنا فقد حث الدين على الاهتمام والرعاية والتوقير لكبار السن من الوالدين خصوصا ومن غيرهم عموما، "وبالوالدين إحسانا" وفي الحديث "ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا"، "إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم". إن وجود كبير السن في المنزل يعد مصدر سعادة ونعمة فهو يمثل تاريخ الأسرة وقد أفنى عمره في رعايتها فمن المروءة أن يحفظ له المعروف وأن يجازى بما هو أهله، وعلى الرغم من أن الشيخوخة تعد عملية حيوية طبيعية وليست مرضا، إلا أنه عادة ما يصحبها مشكلات تتماشى مع طبيعة هذه المرحلة بسبب التغيرات النفسية والجسدية المصاحبة، ولذا فإن واجبنا نحوهم كبير، فقد يميل كبير السن مثلا إلى العزلة الاجتماعية ما يولد لديه الاكتئاب ولذا يجب الحرص على تشجيعه ودفعه للمشاركة في الأنشطة المختلفة خاصة الأنشطة الاجتماعية وإتاحة الفرصة له للالتقاء بأقرانه وتبادل الزيارات معهم، كما يلزم الاهتمام بتوفير الغذاء الصحي له، ومتابعة وضعه الصحي وبالذات مما قد يظهر عليه من علامات القلق، كما ينبغي أن يكون الحديث معه بصورة واضحة، وتقبل ما يروونه من قصص حدثت لهم وإن كانت مكررة عشرات المرات! كما يحسن تذكيره بنعمة الله عليه أن مد في عمره وحثه على الذكر والاستغفار. ومما يؤسف له أخيرا انتشار ظاهرة انشغال أفراد الأسرة بالأجهزة والهواتف عند مجالسة كبار السن. إنه لمن المهم تكثيف وجود المراكز الاجتماعية وإحياء فكرة ديوانيات الأحياء، وأخيرا ليعلم الجميع خاصة الشباب أن الشيخوخة أمر لا مفر منه وليتذكروا مقولة ذلك الشيخ الذي قال له شاب "وراك كنك مقيد؟" فرد "اللي طوى قيدي يفتل قيدك!".