جسر نحو التعافي الاقتصادي «1من 2»

رغم الأزمة الاقتصادية العالمية التي لا تضاهيها إلى سنوات "الكساد الكبير"، فقد أمكن احتواء المخاطر التي تواجه الاستقرار المالي على المدى القريب بمساعدة إجراءات التيسير غير المسبوقة على مستوى السياسة النقدية والدعم الهائل الذي قدمته المالية العامة في كل أنحاء العالم. ولكن كثيرا من الاقتصادات كان لديه مواطن ضعف منذ فترة سابقة على الأزمة – وهي آخذة في التفاقم حاليا، ما يمثل عوامل معاكسة محتملة تقف في سبيل التعافي.
وقد أدت إجراءات السياسات الاستثنائية إلى تحقيق الاستقرار في الأسواق، وعززت المزاج السائد بين المستثمرين، وحافظت على تدفق الائتمان إلى الاقتصاد العالمي. ومن الأهمية بمكان أن هذه الإجراءات ساعدت على منع تباطؤ الاقتصاد والانزلاق بالأسواق المالية إلى أن يقتات بعضها على الآخر في حلقة مفرغة مدمرة للجميع. ولم يكن انتعاش أسعار الأصول وتيسير الأوضاع المالية العالمية مفيدا للاقتصادات المتقدمة فحسب، بل للأسواق الصاعدة أيضا. وإضافة إلى ذلك، وعلى خلاف الأزمات السابقة، كانت الأسواق الصاعدة قادرة هذه المرة على التصدي للأزمة بتخفيض أسعار الفائدة الأساسية، وكذلك، للمرة الأولى، بضخ السيولة من خلال برامج شراء الأصول.
وبشأن الحذر من انفصال الاقتصاد العيني عن القطاع المالي فقد ساعد التحسن الكبير في الأوضاع المالية على الاحتفاظ بتدفق الائتمان إلى الاقتصاد، ولكن الآفاق لا تزال محفوفة بعدم اليقين. فعلى سبيل المثال، لا تزال حالة الانفصال مستمرة بين الأسواق المالية – حيث تتصاعد تقييمات سوق الأسهم (رغم ما حدث من إعادة تسعير أخيرا) – وضعف النشاط الاقتصادي والآفاق التي يخيم عليها عدم اليقين. ويمكن أن تضيق هذه الفجوة تدريجيا إذا تعافى الاقتصاد بوتيرة سريعة. ولكن إذا تأخر التعافي، لأن السيطرة على الفيروس قد تستغرق وقتا أطول على سبيل المثال، فسيخبو تفاؤل المستثمرين. فما دام المستثمرون يعتقدون أن الأسواق ستواصل الاستفادة من الدعم الذي تقدمه السياسات، قد تظل تقييمات الأصول مرتفعة لبعض الوقت. ومع ذلك، خاصة إذا تأخر تعافي الاقتصاد، فهناك مخاطر تهدد بتصحيح حاد لأسعار الأصول أو نوبات تقلب دورية.
وبشأن مواطن الضعف الكبيرة والمتزايدة في قطاع الشركات فقد سمحت إجراءات السياسات للشركات بتحمل نقص السيولة الذي مرت به أثناء الإغلاق الاقتصادي عن طريق زيادة الاقتراض. وبينما ساعد هذا الاقتراض الإضافي على تجنب موجة من حالات الإفلاس في مراحل مبكرة من الأزمة، فقد أدى أيضا إلى زيادة أعباء المديونية في قطاع الشركات. غير أن كثيرا من هذه الشركات كانت لديه مستويات مديونية بالغة الارتفاع بالفعل قبل وقوع الأزمة، وبدأت المديونية في بعض القطاعات تصل الآن إلى مستويات مرتفعة جديدة. ويعني هذا أن المخاطر على الملاءة المالية ربما تكون قد انتقلت إلى المستقبل وأن تجدد ضغوط السيولة من السهل أن يتحول إلى حالات إعسار، ولا سيما في حالة تأخر التعافي... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي