Author

الوحدة الاستراتيجية .. تطوير الإنسان والمؤسسة

|
من المسؤول عن تفعيل التنمية، وتعزيز استدامتها، ومواكبة مسيرة الحضارة الإنسانية الحديثة، في شتى المجالات، ومختلف نواحي الحياة المعرفية والاجتماعية والاقتصادية؟.
إنه الإنسان المتطلع إلى المستقبل، حيث يمثل كل فرد وحدة استراتيجية أساسية في الحياة، وأيضا المؤسسات، أي: الوحدات الاستراتيجية الفاعلة والمفعلة لنشاطات الإنسان في الإنتاج والعطاء. تتأثر هذه الوحدات ببيئة المجتمع الحاضنة الممكنة لجميع هذه الوحدات على اختلاف تخصصاتها، كما أنها تؤثر فيها. وتتأثر هذه الوحدات، وتؤثر أيضا، بالبيئة العالمية الحاضنة لجميع المجتمعات. ويزداد الأثر، وكذلك التأثير بازدياد نشاطات الأفراد والمؤسسات وتنامي توسعها.
عنوان الوحدة الاستراتيجية: تطوير الإنسان والمؤسسة ليس عنونا لهذا المقال فقط، بل هو عنوان لكتاب جديد، اقترب كاتب هذا المقال من الانتهاء من إعداده، آملا أن يأخذ طريقه إلى النشر في وقت قريب - بمشيئة الله. هذا الكتاب نداء، معزز بالأسس المعرفية اللازمة، غايته تفعيل قدرات كل إنسان فرد، لأن في كل فرد قدرات كامنة تستحق أن تبرز، وهدفه أيضا تطوير كل مؤسسة، لأن في كل مؤسسة إمكانات محفوظة يجب أن تظهر لتحقق التطور المنشود.
يبدأ الكتاب بفصل أول يتضمن إلقاء الضوء على مدى ازدهار عطاء الإنسان والمؤسسات في بيئة الحضارات الإنسانية عبر التاريخ. ويبين الفصل أن هذه الحضارات لم تكن محصورة في بقعة جغرافية محددة، أو مرتبطة بعرق إنساني معين، بل كانت ممتدة حول العالم، ومعتمدة أيضا على مختلف الشعوب والأعراق. ويشير الفصل، في هذا الإطار، إلى أن الحضارة الإنسانية الحديثة التي انطلقت من الغرب، متمتعة بتميز تقني غير مسبوق، لم تعد معتمدة عليه في توجيه مسيرتها الحالية. فقد دخل المسيرة قادمون جدد باتوا من المؤثرين الفاعلين فيها، ليزيحوا الغرب بذلك عن موقع القيادة إلى موقع المنافسة معهم. ولا شك أن في ذلك تشجيعا لجميع الأمم الأخرى كي تكون أكثر فاعلية في إسهامها في مسيرة الحضارة الإنسانية الحديثة وعطائها المتجدد.
بعد الفصل الأول، يطرح الكتاب عشر قضايا في عشرة فصول، تتطلع إلى طرح مبادئ تفعيل دور الإنسان في الحياة، وبيان أسس تطوير المؤسسات.
يناقش الكتاب في فصله الثاني قضية التفكير التي قال فيها أحد الخبراء: فلنفكر قبل فوات الأوان، كناية عن أزمة التفكير في العالم. يبدأ الفصل ببيان العمليات الذهنية الأساسية وترابطها مع المنطق الإنساني ونظرية المعرفة، ثم يركز على أساليب التفكير المختلفة. ويطرح الكتاب بعد ذلك في فصله الثالث قضية الأخلاق منطلقا من الحديثين الشريفين: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، و"إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه". ويتطرق الفصل إلى مبادئ الأخلاقيات العامة، ويركز على أخلاقيات العمل المهني، ويدعو إلى الالتزام بمكارم الأخلاق، ليس فقط طاعة للتشريعات والقوانين، بل توخيا لحياة اجتماعية ناجحة.
يهتم الكتاب في فصله الرابع بالذكاء، والدليل الأشهر لقياسه الذي يعرف بمعدل الذكاء IQ، حيث يطرح نشأة هذا المعدل، ويبين تكوينه الذي يتضمن: ذكاء المنطق، وذكاء الأرقام، وذكاء التصور الفراغي، إلى جانب ذكاء الكلمات، كما يتطرق أيضا إلى اختباراته.
وينتقل الكتاب في فصله الخامس إلى الذكاء العاطفي الذي يستند إلى القول: إن العاطفة الخارجة عن القدرة على الضبط قد تجعل الإنسان يبدو غبيا رغم أنه ليس كذلك. يتحدث الفصل، في هذا الإطار، عن حاجة الإنسان إلى التحكم في سلوكه على أساس مراقبة ذاته من جهة، والاهتمام بعواطف الآخرين من جهة ثانية.
ويرفع الفصل السادس شعارا يقول: نستطيع أن نكون أذكى، حيث يطرح موضوع تفعيل قدرات الإنسان، وتنمية ذكائه. وفي سبيل ذلك، يقدم الفصل سبعة عوامل رئيسة لتنمية قدرات الإنسان هي: الاهتمام بالمعرفة، والتأكيد على التفكير، واكتساب الذكاء العاطفي، واكتشاف مجال التميز الشخصي، وتفعيل العقلية النامية، وتعزيز المثابرة والشغف، إضافة إلى بناء البيئة اللازمة التي تحفز كل ما سبق. ويأتي الفصل السابع بعد ذلك مهتما بسعادة الإنسان، ومؤكدا أن السعادة تأتي من العمل الذي يحمل قيمة، وأن الشراكة في السعادة مع الآخرين هي السعادة الحقيقية.
يطرح الفصل الثامن موضوع الذكاء الاصطناعي، منطلقا من حقيقة أنه امتداد لذكاء الإنسان، ويتحدث، في هذا المجال، عن تعلم الآلة والمبادئ الأساسية لهذا التعلم. ويتطرق أيضا إلى الخطط الوطنية التي وضعتها وتضعها الدول المختلفة لتطوير هذا الذكاء، كما يهتم أيضا بآفاق تأثير هذا الذكاء في حياة الإنسان.
ويركز الكتاب في فصله التاسع على مسألة التخطيط مؤكدا أن الأهداف دون خطة مجرد أحلام، ومبينا أيضا أن التخطيط هو عمل استباقي يرسم خريطة طريق لمستقبل منشود يحقق أهدافا مطلوبة. ويناقش الفصل مسألة التخطيط عبر ثلاثية الحقائق والأفكار والتوجهات، ويطرح مراحل التخطيط على أساسها. ويهتم الكتاب في فصله العاشر بمسألة الجودة، ومستوى أداء العمل وتميز مخرجاته. ويركز على موضوعات: الجودة الشاملة، والمعايير الدولية للجودة، ومتطلبات أسلوب الأبعاد الستة، وموضوع إعادة هندسة الوحدة الاستراتيجية وعناصره. ويركز الفصل على تحفيز اهتمام الإنسان بالجودة، واستيعابه لثقافتها، ومراعاته لمتطلبات تحقيقها على المستويات كافة.
ويأتي الفصل الـ 11 بعد ذلك حاملا عنوان "الابتكار الذي يتطلب الشغف بالمعرفة، ويقترن بالعمل والإصرار على العطاء"، ليكون أداة للتنمية المطلوبة. يهتم الفصل بدور التعليم في تفعيل الابتكار على مستوى الإنسان الفرد، كما يركز على إدارة الابتكار على مستوى المؤسسات، ويهتم أيضا بموضوع الشراكة في الابتكار، إضافة إلى الابتكار في إطار التنمية على مستوى الدول التي تمثل وحدات استراتيجية كبرى حاضنة للجميع.
الكتاب المطروح هنا كتاب تعليمي تثقيفي، وجهته كل إنسان ومؤسسة. فهو يأمل أن يقدم جرعة معرفية مفيدة، غايتها الإسهام في تفعيل قدرات كل إنسان، والمساعدة على الارتقاء بإمكانات كل مؤسسة. ولعله يحقق شيئا من هذا الأمل في المستقبل، عبر تفعيل أعمال واعدة تسهم في دفع مسيرة التنمية إلى الأمام وتعزيز استدامتها.
إنشرها