Author

لماذا تفشل المنظمات في تطبيق المساءلة؟

|
بعد ان استعرضنا مفهوم المساءلة Accountability في المقال السابق، نأتي في هذا المقال لنؤكد أن المساءلة هي أحد أركان تطبيق الحوكمة Governance في أي قطاع. حتى تحقق الحوكمة هدفها يجب أن تؤطر أدواتها للتمكين والمساءلة حتى لا تقتل الابداع creativity لدى العاملين، ولا تعطل القيادة Leadership كمفهوم تحتاج إليه المنظمات للبقاء والاستمرار. يذكر Carver أن مجلس الإدارة Board of Directors وإن كان يمثل السلطة العليا في حوكمة المنظمات غير الربحية Non-profit إلا أن أعضاءه يجب أن يمتلكوا مهارات خاصة في الإدارة، وعليه يرى أن مهارات الإدارة العامة اللازمة في مجال الأعمال وثيقة الصلة بالمجالس، ولا سيما وظيفة "الرقابة" بدلا من الاضطلاع بمهام تنفيذية تشتت من دورهم القيادي التوجيهي والرقابي. وحدد عددا من الخصائص التي يجب أن يتصف بها أعضاء المجالس كجهاز أعلى للحوكمة تتضمن: المجالس هي نقطة النهاية للمساءلة، على الأقل للجهاز التنفيذي، وتعمل المجالس كوكلاء عن الملاك باختلاف فئاتهم، كما تعمل المجالس بشكل جماعي ولكن يتم تشكيلها على أساس فردي، وتتسم المجموعة (أعضاء المجلس) بالانضباط أكثر من التصرفات المبنية على رأي فردي، والمجالس أبعد من الإدارة عن المنظمة لكونها ترتبط بها بشكل جزئي وعن بعد جسدي. لذا carver بنى نموذج الحوكمة بالتركيز على الرؤية والقيم Vision and values. القدرة الاستباقية واستراتيجية التنبؤ، والتركيز على النتائج والعلاقات المكونة لها. وهذا يستلزم تحديد أدوار مجلس الإدارة والتركيز على التنوع والانسجام، واستخدام وقت مجلس الإدارة بكفاءة من خلال تحديد الأولويات لحل المشكلات، وتحديد المعلومات المطلوبة للمساعدة على اتخاذ القرار.
ضمن إطار نظرية الوكالة Agency Theory Approach تستلزم هذه النظرية تطبيق مفهوم المساءلة من أعلى إلى أسفل لتشمل أصحاب الصلاحيات كافة. لهذا يختلف مستوى المسؤولية حسب الموقع في الهيكل التنظيمي، ولكل مستوى مسؤولياته التي يجب أن يتقيد بها ويضمن توفير متطلبات المساءلة عن قراراتها التي قد تتخذ.
لهذا قد يرى أن المساءلة تشكل ضمانا لأصحاب المصالح Stakeholders والمُلاك Owners عن تفويضهم مجالس الإدارات Board of Directors والتنفيذيين Executives على إدارة ممتلكاتهم واستحقاقاتهم التي يجب أن تتحقق وفق ما تم التخطيط له. من هذا يتضح لنا أهمية مفهوم المساءلة على المستويات الإدارية، وما يجب أن يتحقق من خلالها. وهنا تعد الحوكمة هي الضامن لوجود المساءلة التي تهدف الي حماية الحقوق لجميع أصحاب المصالح. وهنا تتضح أهمية هذه النظريات التي تطبق بمستوى جيد في القطاع الخاص لكنها تعاني في القطاعات غير الهادفة للربح وفي القطاعات العامة بشكل أكبر.
من السهل وجود المفاهيم لكن تظل الممارسة تعاني ضعف التطبيقات لارتباطها بوجود أطر الحوكمة التي تسهم في تهيئة البيئة المناسبة لها، دون الإخلال بالقواعد التي تحمي أصحاب المصالح كافة. لهذا قد تفشل المنظمات في تفعيل مفهوم ودور المساءلة كإحدى أدوات الحوكمة في تطبيقها على البيئة العملية.
إنشرها