آفاق ضريبة التصرفات العقارية
ضريبة التصرفات العقارية تأتي في سياق منهجية التطوير والتحديث المتوالية لتكوين حالة مثالية بين العرض والطلب على المساكن، ولا سيما أن الأمر الملكي يأتي بشكل تراتبي بعد فرض المرحلة الثانية من رسوم الأراضي البيضاء. إن الوضع النقدي للبلاد على مستوى العرض النقدي داخليا، خاصة بعد أن تخطى حاجز تريليوني ريال، وكذلك حجم الأصول الاحتياطية بلغ 1.7 تريليون ريال، يجعلنا أكثر قدرة على زيادة معدلات الإقراض داخليا للقطاع العائلي، وذلك للشركات والأعمال في ظل معدل أسعار فائدة مثالية بين المصارف السعودية أو ما يعرف بالسايبور.
الأثر المالي المتولد من عمليات الإقراض للقطاع العقاري في ظل وجود مزيد من العرض الكمي للأراضي، يساعدنا على دفع عجلة الاقتصاد وزيادة معدلات التملك للمساكن، وفق ظروف مالية صلبة على مستوى الاقتصاد الكلي.
لعل أحد التفسيرات المهمة لهذا الأمر، التي يتعين أن نشير إليها، أن ترافق زيادة معدل عرض الأراضي من تطبيق المرحلة الثانية وخفض القيمة على مدخلات البناء الأولية للمساكن، يجعل مستويات الأسعار الكلية لشراء المساكن تقترب من المعدل المستهدف في برامج الرؤية التنفيذية. خفض نسبة متوسط سعر الوحدة العقارية على مختلف الأصول العقارية الخاصة بالسكن العائلي بما يعادل خمسة أضعاف الدخل السنوي، نقطة التحول الحقيقية، التي تسعى برامج الرؤية في المجال الإسكاني إلى تحقيقها.
أما على مستوى المصارف وحركة تداول النقود في القطاع العقاري، فمن المرجح أن تحقيق الهدف السابق، يجعل تكلفة القروض العقارية أقل، خصوصا عند تسعيرها من المطور العقاري، وهذا يجعل هامش التسعير ملائما، وفي الوقت نفسه يدعم المصارف خفض مخاطر التمويل مرتفعة التسعير على المديين الطويل والمتوسط.
وبالعودة إلى الآفاق المتوقعة للسوق العقارية على مستوى التشريعات، فمن الملاحظ أن عمليات الحصر العقاري ومعالجة التعديات على الأراضي ومحاربة الاحتكار عبر أدوات اقتصادية، كلها تمثل خطوات إصلاحية عميقة ومنظمة لجعل الأراضي ممكنا اقتصاديا، سواء للقطاع العائلي أو التجاري أو حتى للنفع العام.
التدفقات المالية القادمة من التمويل العقاري ستؤدي إلى معالجة جميع المشكلات السابقة، وفي ظل سعر ملائم يجعل من تملك مسكن جزءا من جودة الحياة للمواطنين، ويعزى تشكل حالة التوازن بين العرض والطلب إلى مكافحة جميع العوامل غير الاقتصادية، مثل الاحتكار والمضاربة الضارة، التي قد تؤدي إلى تضخم القيم السعرية للعقارات.
كما أن اكتفاء القطاع العقاري من التمويل، يجعل الأموال المتاحة للقروض في المصارف، تذهب إلى القطاعات الأخرى، مثل الصناعة والخدمات، وغيرها من القطاعات الاقتصادية، التي تنسجم مع تفضيلات المستثمرين وجاهزية القوى البشرية الوطنية، ولا سيما أن هناك أعمالا جديدة لا تزال تتشكل، خصوصا بعد أزمة كوفيد - 19.
أخيرا، نحن على أعتاب سوق عقارية أكثر توازنا بين العرض والطلب وقدرات المستهلكين، دون إخلال بحصة القطاعات الأخرى من نصيب دخل المواطن.