مؤشر الأسهم الخاسرة مفتاح الاستدامة

عند تفكيك الناتج المحلي لأي بلد، نجد أن الشركات المساهمة تشكل حصة لا يستهان بها في معظم الدول، ولهذا فالشركات المساهمة يجب أن تخضع لحكم السياسات الاقتصادية من أجل تحقيق الاستدامة الاقتصادية، وما توزيع الأرباح على المستثمرين إلا دليل على أن الشركة تقوم بدورها الاقتصادي من بيع منتجاتها للمستهلكين، إضافة إلى التوظيف والإسهام في الناتج المحلي، بعكس الشركات الخاسرة.
مفاهيم الحوكمة التقليدية لم تعد كافية، بل نحتاج إلى الانتقال إلى مفاهيم واستراتيجيات الاستدامة الاقتصادية على مستوى نمو الأرباح الموزعة ونمو سعر الورقة المالية بطريقة عادلة تعكس الواقع الاقتصادي وليس المضاربي، ولا سيما في شركات خاسرة.
على أي حال، نعود إلى سوقنا ونطرح تلك المفاهيم عمليا، حيث تشكل الشركات الخاسرة من رأسمالها 20 في المائة فأكثر، ما نسبته 11.7 في المائة من إجمالي الشركات المدرجة في سوقنا، ومن الأمور اللافتة أن حجم التداول على الأسهم الخاسرة كبير، أدى إلى نمو أسعارها، وقد يشكل فقاعة سعرية يمكن أن تنهار في أي لحظة، ثم إن أي اقتصادي حقيقي يعرف جيدا مدى خطورة ذلك، لأنه يؤدي إلى حرمان رأس المال الوطني من النمو الحقيقي.
في خطوة صائبة اقتصاديا نحو تحقيق الاستدامة، وبالتوافق مع دعوة المملكة في مجموعة العشرين لإصلاح الأسواق المالية، أقترح تطبيق إجراءات تضمن تحقيق ذلك.
أولا: فرض نسبة تذبذب لا تتخطى 3 في المائة على الشركات الخاسرة. ثانيا: تأسيس سوق ثانوية موازية تختص بالشركات الخاسرة، التي بلغت خسائرها 20 في المائة فأكثر من رأسمالها. ثالثا: طرح سياسات تحفز على اندماج الشركات ذات النشاط الواحد والتكاملي. رابعا: تأسيس لجنة توجيه اقتصادي لكل قطاع تراقب مؤشراته الاقتصادية وتطلق جرس الإنذار الاقتصادي.
أخيرا: قد ينظر منظم الأسواق المالية الحكومي إلى هذا النوع من الأطروحات بتخوف، لوجود تقسيم هيكلي قد يزعج المضاربين، إلا أن منافعها ستكون واسعة وستحقق الاستدامة الاقتصادية للشركات الرابحة وتزيد تنافسية مجالس الشركات والإدارات التنفيذية للبقاء في السوق الرئيسة، كما أن هذا الإصلاح ينقل الصدمات بعيدا عن السوق الرئيسة، ويجلب الأموال الكثيفة التي تبحث عن شركات مساهمة ذات ثقة عالية، لتقدم الأرباح والنمو المستدام والآمن، مثل صناديق سيادية أجنبية، وشركات تأمين كبرى، ومؤسسات تقاعد أو مدخرات أفراد طويلة الأجل.
في الوقت ذاته، يعد ما طرحته إصلاحا لا يمنع المضاربين من الانضمام لمؤشر الأسهم الخاسرة وتحمل أي مخاطر قد تنشأ لاحقا، لمعرفتهم المسبقة بدرجة المخاطر وفرص الاستفادة، لتحقيق أرباح رأسمالية Capital gain عبر ارتفاع سعر الورقة المالية مضاربيا أو عودة أسهم الشركة إلى السوق الرئيسة كنتيجة لعمليات الإنقاذ التي سيقوم بها المساهمون والإدارة التنفيذية ومجلس الإدارة، بعيدا عن طرق إطفاء الخسائر الحالية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي