default Author

الشائعات الصحية

|
الشائعة خطر أيا كان نوعها شخصية أو اجتماعية أو اقتصادية. وتتميز الشائعة الصحية عن غيرها بأنها تؤثر في الأشخاص والمجتمعات وتضر بالاقتصاد. تأثيرها متعد إلى أقصى حد وزاد من خطورتها تحول العالم إلى غرفة صغيرة وليس قرية!
لذا علينا أن نعي أن أي شائعة طبية تنتشر لا بد أن خلفها مستفيدا، ولها مصدر سواء كان فردا أو جماعة أو دولة، بالتالي هناك أشخاص يسخرون عن عمد لنشرها، ثم يحملها ويجوب بها الأرض أناس محبون لتصدر المجالس وصفحات التواصل الاجتماعي وتداول أسمائهم في المجالس، ولدينا نماذج كثيرة، كانوا وما زالوا سببا في نشر الجهل وزعزعة الثقة في الحقائق العلمية والطبية!
تقول هايدي لارسون صاحبة مشروع "مبادرة مؤشر الثقة في اللقاحات" المختصة بدراسة الشائعات التي تؤثر في الصحة، "من أكثر الشائعات التي حققت فيها إثارة للقلق كانت في شمال نيجيريا، حيث كنت أعمل مع برنامج التحصين العالمي لليونيسف. كانت الشائعات تشكك أن لقاح شلل الأطفال عبارة عن وسيلة لمنع الحمل، وأنه يتحكم بالسكان ويسبب مرض الإيدز أو أن وكالة المخابرات المركزية تتجسس عليهم وزاد من شكوكهم إصرار المنظمة على لقاح شلل الأطفال بينما الناس يموتون من الحصبة.
لم يكن الأمر يتعلق بالحصول على الحقائق بل كان الأمر يتعلق بانهيار الثقة. لماذا كل هذا التشكيك؟ الغريب، أن السبب لم يكن عدم ثقة الأمهات فقط إنما كان رفض القادة المحليين والدينيين والسياسيين المحليين اللقاح لانعدام الثقة، ما جعل حاكم ولاية كانوا يقرر مقاطعة جهود القضاء على شلل الأطفال بالكامل، وتوقفت الحملة 11 شهرا، ما كلف ذلك برنامج القضاء على شلل الأطفال 500 مليون دولار والأدهى من ذلك انتشار السلالة النيجيرية لفيروس شلل الأطفال إلى أكثر من 20 دولة حتى وصل إلى إندونيسيا!"
للشائعة شرطان رئيسان في علم النفس الاجتماعي هما أهمية القضية في المجتمع، ودرجة الغموض فيها. فلكل شائعة جمهورها ولكل تخصص شائعة تنتشر فيه وعلى عكس ما نعتقد، الشائعة تنتشر وتلقى بيئة خصبة في الطبقات العليا والمتعلمين أكثر من العمال، وبين الشباب أكثر من المسنين، وتنتشر في بيئات العمل أكثر من العاطلين، ويخضع انتشار الشائعة إلى الخبرات الشخصية. وإذا عدنا إلى أبحاث الدكتورة هايدي سنتفاجأ أنها وجدت خلال مراقبتها للشائعات عالميا، أن أوروبا هي أكثر منطقة متشككة في العالم. وعلى رأس القائمة فرنسا.
إنشرها