default Author

صناديق ائتمانية للجميع «2 من 2»

|
اقترح داريك هاميلتون من جامعة ولاية أوهايو وساندي داريتي من جامعة ديوك أن تمنح الحكومة الفيدرالية الأمريكية كل مولود جديد صندوقا ائتمانيا يؤسس بما يتناسب عكسيا مع ثروة الأسرة. وستنمو سندات المواليد هذه وتتضاعف وتصبح قابلة للاسترداد في سن الـ 18، ونظرا للطبيعة المتداخلة للتفاوت العنصري والطبقي، فإن مثل هذا المخطط كفيل أن يزيل إلى حد كبير فجوة الثروة العرقية الموروثة في الولايات المتحدة بتكلفة فورية معتدلة، وإن كان ذلك على مدى أعوام عديدة.
هذا ليس على الإطلاق الاقتراح الوحيد من نوعه، في عام 2015، دعا أنتوني أتكينسون من كلية لندن للاقتصاد، إلى فرض ضرائب شديدة التدرج على المواريث لتمويل الوقف الرأسمالي، أو الحد الأدنى من الميراث الذي يدفع إلى المواطنين عند بلوغهم سن الرشد وهي الفكرة التي أقرها ميلانوفيتش أيضا.
تعكس اقتراحات أخرى ملاحظة ماريانا مازوكاتو أن الدولة تكون غالبا الملاذ الأول والأخير للاستثمار. على سبيل المثال، دعا يانيس فاروفاكيس إلى اعتماد مبلغ أساسي شامل يمول بوساطة تدفق الدخل من استثمارات المجتمع في رأسمال الشركات الخاصة. على نحو مماثل اقترح راي داليو مدير صندوق التحوط البارز وجوزيف ستيجليتز من جامعة كولومبيا أخيرا تجميع حصص ملكية دافعي الضرائب في الشركات التي جرى إنقاذها خلال أزمة كوفيد - 19 في صندوق ثروة سيادي يوزع الأرباح دوريا على جميع المواطنين. كما اقترح رودريك إنشاء صناديق استثمارية عامة ممولة بالدين تستحوذ على حصص الأسهم في قطاعات وتكنولوجيات رئيسة، وتوزع الأرباح على هيئة عائد اجتماعي للابتكار والإبداع.
من الواضح أن الحجة قوية لمصلحة منح المواطنين هبة رأسمالية تعكس كرامتهم غير القابلة للتصرف والعائد الذي يحصله المجتمع على استثماراته العامة. لكن يتعين على المجتمعات أن تختار عندما يتعلق الأمر بمنح مثل هذه الهبة، فضلا عن حجمها وتدرجها وتمويلها والقيود التي يجب أن تفرض على استخدامها.
تتطلب سندات المواليد - على سبيل المثال - موارد مقدمة أقل كثيرا من منحة الرأسمال للشباب البالغين، لكنها ستستغرق وقتا أطول كثيرا لتغيير توزيع الثروة. إضافة إلى هذا ستحظر أغلب المقترحات الاسترداد الفوري للهبة، وتقييد استخدامها، حيث لا تتجاوز أغراضا مثل التعليم والسكن. وستقلل اختبار الموارد المالية من التكلفة المالية لمثل هذه السياسة لكنها ستنطوي على تكاليف إدارية واجتماعية وسياسية وتحفيزية. وسيتطلب إيجاد التوازن الصحيح بين هذه المعايير إجراء مقايضات بين التكاليف والفوائد.
أما الوقف الرأسمالي الشامل، فمن شأنه أن يساعد على تخفيف العواقب الظالمة التي يفرضها الحظ عند الولادة. لكن لإحداث تغيير حقيقي، يجب أن يكون كبيرا بالقدر الكافي لتضييق فجوات الثروة الحالية بشكل كبير وإبطال تركز ملكية رأس المال والسلطة السياسية. يتطلب مثل هذا البرنامج إعادة توزيع كبيرة للثروة مقدما، وهو ما يبدو تحقيقه صعبا من الناحية السياسية حتى في ظل أفضل سيناريوهات التعافي. لكن كما حذرنا ستيجليتز، فإن أي سياسة أقل طموحا ربما تنتهي بها الحال إلى ترسيخ رأسمالية شعبية تفضي إلى إدامة تركز الثروة في حين تضلل عامة الناس وتحملهم على دعم سياسات تحابي رأس المال.
إن استراتيجية التعافي التي تهدف إلى توزيع الدخل والثروة والسلطة بشكل أكثر إنصافا وعدالة يجب أن تستخدم كل الأدوات الممكنة. وقد يشكل الوقف الرأسمالي الشامل للشباب جزءا أساسيا من مثل هذه الخطة، إذا اقترن بسياسات قوية لتعزيز أسهم الملكية في مراحل الإنتاج الأخرى. لا يوجد حل خارق للعادة في النضال من أجل إيجاد مجتمع أكثر عدالة، لكن منح المواطنين القدرة على الوصول العادل إلى الفرص التي تتيحها ملكية رأس المال سيكون خطوة تحويلية كبرى.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2020.
إنشرها