الجائحة والشراكات بين القطاعين العام والخاص «2 من 2»

من هذا المنطلق، لدي نصيحة من كلمتين لشركائنا من الحكومات: ابقوا مستيقظين. نوصي بأن تراجع الحكومات محافظ مشاريعها للبنية التحتية، سواء مشاريع الشراكات بين القطاعين العام والخاص أو المشاريع المملوكة للدولة والشركات الحكومية، لتحديد المخاطر المالية الكبيرة وما على المحك من حيث تقديم الخدمات إذا كان أداء المشاريع ضعيفا أو أنها دخلت حالة من التعثر المالي. ويجب على الحكومات أن تحدد خيارات لحماية استمرار تنفيذ خدمات البنية التحتية المهمة مع إدارة آثار ذلك على المالية العامة. وهنا، تختلف الاستجابات على صعيد السياسات: من استخدام المرونة التعاقدية المتاحة، وإعادة الهيكلة المالية، وتوفير السيولة في الأمد القصير إلى المتوسط، وأدوات ملائمة لتحسين مخاطر الائتمان، وإعادة تدوير الأصول، أو تسييل أصول قائمة.
ومن الناحية المثالية، تفعل الحكومات هذا بالفعل، وتعمل مع الشركاء في القطاع الخاص وبقية الأطراف ذات العلاقة مثل الممولين والهيئات التنظيمية. ويمتلك البنك الدولي الخبرة والموارد لدعم هذا العمل وفق ما تقتضيه الحاجة، كما أن ثمة مبادرات نستضيفها وتمولها الصناديق الاستئمانية جاهزة للمساعدة:
دشن المرفق الاستشاري للبنية التحتية المشتركة بين القطاعين العام والخاص برنامجا يمكن بموجبه للحكومات طلب الدعم لتقييم تأثير فيروس كورونا في محافظ الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وإجراء اختبارات التحمل لهياكل الشراكة، وإجراء مراجعة عالية المستوى للتعاقدات، وتوفير المساعدة وبدائل التعامل بشأن تعطل عمل المشاريع، وتوفير أفضل أمثلة للممارسات العالمية للحد من التأثيرات، والحيلولة دون فشل المشاريع، وتسريع دورة تطوير مشاريع الشراكة.
ويعمل المرفق العالمي للبنية التحتية عبر شركائه من مصارف التنمية متعددة الأطراف ويستجيب بموارد مخصصة للمساعدة عبر دراسات إضافية، وإعادة تسعير، وموازنة، وقياس نبض السوق مع ممثلين من القطاع الخاص للمشاريع، التي في مرحلة ما قبل استدراج العروض والمتأثرة بفيروس كورونا. ويمكن أن يقدم البرنامج أيضا المشورة للشركات المملوكة للدولة لمعالجة مشكلات السيولة ومساعدة الحكومات في تصميم وإعداد برامج استثمارية في إطار حزم تحفيز خضراء ومراعية للبيئة ذات تكلفة معقولة وتتمتع بالاستدامة وتفي بالغرض.
لكن ماذا عن الأمد الطويل؟
الحقيقة، إننا بحاجة إلى مزيد من المرونة والمنعة في الشراكات بين القطاعين العام والخاص والإطارات التعاقدية مستقبلا. والشراكات بين القطاعين العام والخاص، كوسائل لتنفيذ مشاريع البنية التحتية، في تطور مستمر، وكذلك قدرة الحكومات على التعاقد الفعال والتنفيذ الأمثل للمشاريع. وسيساعد التركيز المستمر على تطوير البنية التحتية كفئة من فئات الأصول Infrastructure as an Asset Class في تحريك هذا للأمام.
لكن إذا نظرنا للمسألة من زاوية علم الأحياء، فإننا ندرك أيضا أن هناك أوقاتا يحدث فيها تطور سريع. ونحن نشهد الآن تشكل واقع جديد في كثير من أجزاء حياتنا: بعضه سيكون صعبا، والبعض من المأمول أن يكون أفضل.
دعونا لا نتجنب التحدي لإحراز مزيد من التقدم صوب إنجاز مزيد من البنية التحتية الأكثر استدامة ومرونة ومنعة من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص. وعلى الأخص في أوقات كهذه، ندرك أن تطوير جودة البنية التحتية يساعد على حماية الأرواح، وسبل كسب العيش، ومستقبل الدول ذاتها.
كما أن الوقت مناسب بسبب أن كل يوم يمر، يعثر العالم على سبل لاستغلال تكنولوجيا البنية التحتية عبر الجمع بين الابتكارات في المواد والآلات وعلى الصعيد الرقمي في أنحاء دورة حياة البنية التحتية، وفي الواقع، في الشراكات المستقبلية بين القطاعين العام والخاص.
وبالتأكيد نستطيع أن نؤسس نوعا جديدا من الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وإطار عمل محسن يدعمها بقوة يسترشد بكل ما شهدناه فور انتهاء أزمة فيروس كورونا. ونتطلع لرؤية هذا يحدث.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي