default Author

العبقرية والجنون

|
دائما ما يربط العامة والعلماء على حد سواء بين العبقرية والجنون نتيجة حالات نشاهدها على أرض الواقع، وفي الأمثال الشعبية يقولون "خبل فطين"، فهناك شعرة فاصلة بين الجنون والعبقرية تحكمها أشياء كثيرة من أهمها كيمياء الدماغ!
في منتصف القرن الـ19 اكتشف العلماء ظاهرة تدعى "انخفاض التثبيط الكامن" قد تكون الرابط والحد الفاصل بين العبقرية وكثير من الأمراض والاضطرابات العقلية، مثل: الجنون، الفصام، التوحد، متلازمة أسبرجر، الوسواس القهري، وفرط الحركة، وهي نوع من المرشحات الذي يزيل القمامة المعلوماتية ولا يسمح بالحمل الزائد على المخ. إذا فشل هذا المرشح أو لم يعمل بشكل صحيح، فإن المعلومات تكتسح الدماغ وتغمر خلاياه بالمعلومات الواردة من الخارج من خلال الحواس. هذا التدفق قد يؤدي إلى الجنون حيث يفقد العقل القدرة على التحمل والتعامل مع سيل المعلومات الجارف!
إنها وسيلة لوقاية الدماغ حيث يكون لدى الدماغ القدرة على تجاهل المعلومات الثانوية للبقاء والعيش المريح، بمعنى أن عقلك في كثير من المواقف يتعامل مع كثير من الأمور ببديهية لا تحتاج معها إلى التفكير أو تحليل المعلومات الواردة من محيطك، مثلا طريقة فتح الأبواب في منزلك، وإدخالك الرقم السري في جهازك تجد أصابعك تتحرك على لوحة المفاتيح تلقائيا، لأنه أمر مألوف بالنسبة إليها، أما الشخص المصاب بانخفاض حاد في مستوى التثبيط الكامن فتجده مشتتا. حركاته وأفكاره مبعثرة. تنعدم لديه القدرة على التركيز في موضوع واحد لفترة طويلة، لذا يقفز من موضوع إلى آخر، يتجول كثيرا وقد يتغيب عن المنزل وتراه شخصا غير مسؤول!
إن عقله في عمل دائم يلاحظ أدق التفاصيل حتى المألوفة منها، تثير لديه عديدا من الأسئلة والتساؤلات. تمشي أنت وهو في الطريق نفسه فتجد أشياء كثيرة أنت لا تلقي لها بالا، مثل أحاديث المارة والروائح المنبعثة من كل مكان وواجهات المحال. كل هذا يجعل دماغه البائس مضطرا للتعامل مع كم مخيف من المعلومات. وهنا يحدث الصراع الذي قد ينتصر فيه على دماغه إذا كان معدل الذكاء لديه عاليا يدخله في عداد العباقرة أما إذا كان معدل الذكاء لديه منخفضا فسيعاني أحد الاضطرابات العقلية! إذا كانت هذه الآلية تعمل لديك بشكل صحيح فستساعدك على معالجة كمية أكبر من المعلومات، وعلى التركيز في المعلومات اللازمة للتطبيق العملي لتؤدي أعباءك الحياتية على أكمل وجه وتمنحك القدرة على التفكير بمزيد من الانفتاح والإبداع!
إنشرها