Author

تحديد الأهداف نصف الإجابة

|
من أشهر العبارات التي نسمعها ونرددها منذ أن كنا طلابا هي: "فهم السؤال نصف الإجابة" وهي عبارة مجازية تعني أن فهم السؤال جزء أساس من طريق الوصول إلى الحل الصحيح. وفي عالم الإدارة المالية الشخصية، ومن تجربة وممارسة مع ممن يطمح إلى أن يحسن وضعه المالي نجد أن عملية تحديد الأهداف تقوم مقام فهم السؤال المراد إجابته، بل إن الحل المالي الذي يرغب فيه الشخص لا يؤسس إلا على أهداف واضحة ومحددة. ومع أن كل الأعمال الإدارية بطبيعة الحال تتطلب وجود أهداف وغايات لتحقيقها، إلا أن تحديد الأهداف في الإدارة المالية الشخصية مسألة تستحق التوقف بتأثيرها، وتجاهلنا المعتاد لها. محاولة تحقيق الاختيارات المالية دون أهداف مسبقة عبارة عن وصفة للتخبط المالي والحياتي أو للإجابة الخاطئة التي لا يود أحد أن يصل إليها.
تخيل معي أنك تحاول الإجابة عن سؤال لا تفهمه، حتما ستحصل على نتيجة لا تريدها. توجه عبارة "فهم السؤال نصف الإجابة" لفئة محددة من الناس، وليس لكل من لا يصل إلى الإجابات الصحيحة. من لا يصل إلى الإجابة لكنه يستمر في المحاولة بعد فهمه السؤال يعد في مرحلة متقدمة وقريبا من الحل. من يحاول فهم السؤال لكنه لا يفهمه ولا يزال مستمرا في المحاولة، مجتهد سيلقى نصيبه وسيجد الحل ولو بعد حين. أما من يقفز بالإجابة ولم يحاول أن يفهم السؤال بشكل جيد، فهذا هو من يجب أن يعلم أهمية فهم السؤال قبل محاولة الإجابة. وفي سياقنا، هو مثل من يحاول أن يصبح ثريا أو يحقق غاية مالية حياتية دون أن يعرف الطريقة السليمة التي تؤهله للوصول إلى النهاية المرغوبة، سيتصرف بلا منهجية ويضيع وقته وجهده، وعلى الأرجح سيصل إلى نتيجة تعاكس ما يتمناه.
ماذا نستفيد من تحديد الأهداف بشكل مبكر وواضح؟ هناك عدد لا يحصى من الفوائد التي تمنحها عملية تحديد الأهداف لنا في أي سياق حياتي أو عملي. لكن في مجال الإدارة المالية الشخصية سأذكر ست فوائد أساسية. الأولى: تحديد الأهداف يساعد على تصور النهاية بشكل معقول ومنطقي، وبالتالي يوضح للفرد الخطوات الأساسية التي ينبغي العمل عليها للوصول إلى هذه النهاية. الثانية: تحديد الأهداف يساعد على التركيز والحفاظ على المحفزات الذاتية التي يستخدمها الشخص من وقت لآخر ليتمكن من إنجاز ما يصعب إنجازه دون أهداف. الثالثة: البدء من الأهداف الكلية أمر قابل للتجزئة والتفكيك إلى أهداف فرعية وخطط زمنية محددة بوضوح يمكن ربطها بالسلوك والممارسات اليومية. الرابعة: الأهداف المحددة تساعد على وجود آلية واضحة للمراقبة والمتابعة، وهذا مهم جدا عند العمل على صنع إنجازات تراكمية تتطلب الانتظار لفترات طويلة نسبيا. الخامسة: يسهل تحديد الأهداف من التعديل على الخطة أو الأداء الشخصي في وقت مناسب، ويصنع مرجعية واضحة للتطوير الذاتي والمحاسبة الذاتية. السادسة: من التقشف العاطفي تجاهل الإنجاز أو عدم الانتباه له، تحديد الأهداف وملاحظة النتائج يمنحاننا القدرة على الاحتفال بتحقيقهما، ما يمنحنا الرضا ويولد الشعور بالسعادة.
يعتقد البعض أن تحديد الأهداف مسألة شكلية يتقنها من يحب التنظيم والتخطيط المبكر، وهي في الحقيقة جوهر التخطيط الحياتي والإدارة الحياتية الناجحة. من تأخر في تحديد الأهداف لم يفقد كثيرا بعد. ما دامت هناك فرصة للعمل وممارسة للحياة فهناك فرصة للتخطيط وتحديد الأهداف، أو إعادة تحديدها وتشذيبها باستمرار. أن تصل متأخرا خير من ألا تصل أبدا، ولا يغيب عن الأذهان الحديث الشريف: "إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها، فليغرسها". خلاصة الأمر، حتى يتسنى لنا الحصول على الإجابات والحلول المالية، وكثيرون يبحثون عن ذلك، يجب البحث أولا في الأهداف الحياتية ومنها تستنبط الأهداف المالية. وهذا كما هو معروف في آداب الإدارة المالية الشخصية أمر يقوم على فهم الاحتياجات والرغبات، ومن ثم تهيئة العمل على ذلك بالتخطيط الزمني والمهاري والبحث عن المعرفة المالية أينما كانت.
إنشرها