مذبحة أمريكية «2 من 2»

من المؤسف أن أمريكا ليست قريبة من هذا السيناريو الأكثر تفاؤلا. فالوباء في الولايات المتحدة لا يتجه نحو الانحسار، ولم تبد إدارة ترمب أي بادرة تشير إلى أنها قادرة على السيطرة على الأزمة في المستقبل المنظور. بدلا من ذلك، رأينا رودي جولياني، كاتم أسرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب وجابي إتاواته، يعلن استبعاده لبروتوكولات الاختبار وتتبع المخالطين الضرورية بوصفها "سخيفة".
الأسوأ من ذلك أن ترمب ذاته، في مؤتمر صحافي عقد أخيرا، اقترح أن الفيروس يمكن علاجه عن طريق الحقن بمواد كيميائية منزلية سامة، أو عن طريق التعرض للأشعة فوق البنفسجية "الذي تصادف أنه الأسلوب الذي استخدم لقتل الطفيليات المغيرة لسلوك البشر في حلقة من مسلسل Star Trek أذيعت عام 1967 بعنوان (العملية - إبادة!)".
في الاستجابة لهذه الأقوال السخيفة المنافية للعقل، استمرت في مستهل الأمر المنافذ الإعلامية الرئيسة مثل صحيفة "نيويورك تايمز" في تشجيع ترويج ترمب لشائعات قاتلة من خلال الإشارة ضمنا إلى أن "بعض الخبراء" فقط يرون أن تأملاته المشعوذة خطيرة. ثم في وقت لاحق، شعرت صحيفة "تايمز" أنها مضطرة إلى توضيح أن أي خبير ما كان ليزعم خلافا لذلك في واقع الأمر.
يقال أيضا، إن ترمب أعطى الضوء الأخضر لخطة اقترحها حاكم ولاية جورجيا الجمهوري لإعادة فتح اقتصاد تلك الولاية. لكنه منذ ذلك الحين تراجع مغيرا رأيه، بزعم أنه "من السابق للأوان" إعادة فتح الاقتصاد، لكن الرسالة وصلت إلى قاعدته السياسية بالفعل.
يدعي كريستي نويم حاكم ولاية ساوث داكوتا الجمهوري، وهي الولاية التي تشهد ارتفاعا سريعا في الترتيب من حيث عدد الحالات المصابة بفيروس كورونا، 2019 لكل مليون مواطن، أن التباعد الاجتماعي غير مجد، لأن "99 في المائة من الإصابات" لا تحدث في أماكن العمل بل في منازل الناس. كما أدان نويم أولئك الذين في ولايات أخرى، الذين قد "يتنازلون عن حرياتهم في مقابل قدر ضئيل من الأمن".
مثله كمثل النظام السياسي في الولايات المتحدة، كان المجال العام الأمريكي معطلا. ومع الأسف الشديد، بعد أن قرر الجمهوريون في مجلس الشيوخ بالفعل في شباط (فبراير) الماضي، أن جرائم ترمب ومخالفاته المتبجحة لا تبرر عزله من منصبه، خسرت الولايات المتحدة فرصتها الأخيرة للحصول على عملية صنع سياسات سليمة وعقلانية.
في الوقت الحالي، سيستمر انتشار الوباء، ويودي بحياة أربعة آلاف شخص تقريبا في كل يوم، ويدفع معدل البطالة إلى الارتفاع إلى مستوى غير مسبوق "20 في المائة". وفي ظل معدل وفيات 1 في المائة، وأربعة آلاف وفاة كل يوم، يواجه 400 ألف شخص جدد كل يوم الفيروس وتبدأ أجسامهم في تطوير مقاومة مؤقتة ضده على الأقل، وهذا يعني أننا سنقترب بنسبة 0.2 في المائة كل يوم من اكتساب مناعة القطيع. وفي غضون ذلك، قد تتغير الأمور، وربما إلى الأفضل، ولكن إلى الأسوأ في الأرجح.
خاص بـ"الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2020.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي