محاسبة الدراما
ازدادت حدة محاسبة الدراما السعودية والخليجية نتيجة توتر الناس من الحجر ومنع التجول، ويبدو أن الجلوس في المنزل زاد من المتابعة والتدقيق.
تحملت الدراما هذا العام مسؤولية جديدة، هي التخفيف من حدة الأوضاع، فلا صلوات في المساجد، ولا زيارات عائلية، ولا تجول مسائي، أي أنها أخذت أدوارا أخرى، وهذا ما رفع سقف التوقعات.
كنت قديما أقع في الخطأ نفسه وأبدأ محاكمة الأعمال الدرامية الرمضانية منذ الأسبوع الأول، وهذا خطأ في حق هذه الأعمال، لكن بعض الأعمال تقول لك من البداية أنها تكرر نفسها أو تعيد نمط فريقها، أو حتى يمكن القول نمط القناة التي تنتجها وتبثها. فلا يجب هنا لوم الناس على أحكامهم المبكرة، وأيضا لا يجب الانسياق إلى هذه المحاكمات، واترك لنفسك حق التقدير الشخصي بعيدا عن "سطوة" القطيع، أو موجات الإعلام الاجتماعي.
المسلسلات كجزء من الدراما، صناعة لها سوقها، واللاعبون في هذه السوق، والمؤثرون والمعلنون، وغيرهم، فهل تعامل معها السعوديون كصناعة؟ تبدو الإجابة بـ"النفي"، هي الأقرب إلى الواقع.
في المنطقة الخليجية يمكن اعتبار الكويتيين هم من تعامل مع الدراما كصناعة، لذا نجدهم اليوم أصحاب سطوة الحضور، رغم ملامح انحدار المستوى في أغلب الأعمال نتيجة جمود مستويات الممثلين المؤثرين أو تراجعها.
في الدراما الكويتية هناك إصرار على معالجة المشكلات المنزلية دونما الخروج إلى الشارع، الشارع الخليجي الذي تمثله الكويت في هذه الحالة، فمعظم المعالجات فردية وتقع في دوائر العلاقات العائلية أو العاطفية دونما تكبير للعدسة "زوم آوت"، لتشمل رؤية اجتماعية ناقدة أو حتى ساخرة حد اليأس، كما تفعل الدراما المصرية.
مشكلة الدراما السعودية أنها ارتكزت على "شخص" أو اثنين في كل عمل، وليس على فريق، وعلى بقية المشاركين الدوران في فلك هذا الشخص، وأحيانا ليس فقط الدوران في فلك أدائه، بل حتى في فلك شركة إنتاجه، أو القناة التي تحتكره.
لدينا موهوبون كثر، لكنهم ليسوا جميعا محترفين، لعدم وجود صناعة، وهذا ما يجعل المحترفين القلائل يسجلون حضورا في الدراما الكويتية أو الخليجية أكثر من السعودية. ولدينا أيضا تطور سريع وعميق في ذائقة المتلقي الذي انفتح على دراما العالم أجمع عبر هاتفه الذكي، والواضح أن محاسبة الدراما السعودية ستزداد شراسة، لكن ذلك ربما يكون سبيلها نحو التطور، والحضور، والتأثير.