فورة التكنولوجيا وتنبؤات النمو «2 من 3»

يعكس تطور التنبؤات طويلة الأجل ما شهده الاقتصاد العالمي من تقلبات عاتية خلال العقدين الماضيين. فقد تزامنت قوة آفاق النمو قبل الأزمة مع توسع غير مسبوق في التجارة العالمية والتدفقات المالية إلى جانب نمو سريع في بعض اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية الرئيسة. وخلال الفترة 2003-2007 سجل الاقتصاد العالمي واحدا من أفضل مستويات النمو منذ أوائل السبعينيات. ومع ذلك، تحولت الرياح المواتية إلى رياح معاكسة أثناء الركود العالمي عام 2009 الذي تلاه تعاف هزيل، ولا سيما في الاقتصادات المتقدمة. وخلال الفترة 2010-2015، تعرضت الآفاق طويلة الأجل لمعوقات أكبر بفعل أزمة الديون في منطقة اليورو خلال الفترة 2011-2012 والتباطؤ الحاد في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية الذي يعزى في جانب منه إلى تراجع أسعار السلع الأولية.

ويأتي تراجع تنبؤات النمو طويل الأجل انعكاسا أيضا للقوى الهيكلية المرتبطة بالتغييرات الديموغرافية وآفاق الاستثمار والاتجاهات العامة للإنتاجية. وقد بدأت هذه القوى تعمل بالفعل على تآكل النمو العالمي الممكن، أي معدل نمو الاقتصاد العالمي بكامل طاقته عند مستوى التوظيف الكامل. وخلال الفترة 2013-2017، كان النمو العالمي الممكن أقل بنحو نقطة مئوية بالفعل مما كان عليه في العقد السابق نتيجة لضعف نمو الإنتاجية، والتوسع البطيء في الاستثمار، واتساع نطاق التباطؤ في نمو السكان في سن العمل.

وكانت تنبؤات النمو العالمي طويل الأجل التي وضعت قبل عشرة أعوام أعلى من النتائج الفعلية في كل عام من الفترة 2008-2018 ما عدا في 2010. وقد انطبق الأمر نفسه على أغلب التنبؤات في فرادى الدول. حتى في عام 2010، كانت التنبؤات مفرطة التفاؤل في نحو نصف الاقتصادات المتقدمة وربع الاقتصادات الأخرى.

ويتناول التحليل الوارد في هذه الدراسة بشكل أساسي فترات الأزمة وما بعد الأزمة التي شهدت سلسلة غير عادية من صدمات النمو السالب، لكن تحيز التنبؤات تجاه التفاؤل تم توثيقه على نطاق واسع. ومرارا وتكرارا، أثبتت تنبؤات النمو تفاؤلا مفرطا مقارنة بالنتائج. وعلاوة على ذلك، تميل درجة التفاؤل إلى الزيادة كلما طال الأفق الزمني. ففي المتوسط، تجاوزت التنبؤات طويلة الأجل مستوى النمو الفعلي بمقدار 1.2 نقطة مئوية، وبالغت التنبؤات التي تغطي ثلاثة أعوام في تقدير النمو بمقدار 0.7 نقطة مئوية على مدى الفترة حتى عام 2018.

ولما كان من المفترض في توقعات النمو طويل الأجل أن تستبعد الآثار الدورية، فينبغي أن تعكس تقدير واضعي التنبؤات بشأن النمو الممكن. لكن، هل يحدث هذا بالفعل؟ الواقع أن التنبؤات طويلة الأجل للنمو العالمي غالبا ما تتجاوز تقديرات النمو العالمي الممكن على مدار العقد التالي. وتشير هذه المشاهدات إلى أن تنبؤات النمو طويل الأجل ظلت متفائلة مقارنة بنتائج النمو النهائية وتقديرات النمو الممكن، على الرغم من أنها أصبحت أكثر تشاؤما خلال فترة ما بعد الأزمة.

وغالبا ما تتحسن التنبؤات طويلة الأجل خلال فترات النمو القوي المتواصل في الناتج. وبعبارة أخرى، ترتفع توقعات النمو بشكل عام في حالة زيادة الإنتاجية والتوظيف ونمو الاستثمار لفترة ممتدة... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي